كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 22)

§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ} [القمر: 42] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلَقَدْ جَاءَ أَتْبَاعَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ إِنْذَارُنَا بِالْعُقُوبَةِ بِكُفْرِهِمْ بِنَا وَبِرَسُولِنَا مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ {كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا} [القمر: 42] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ كَذَّبَ آلُ فِرْعَوْنَ بِأَدِلَّتِنَا الَّتِي جَاءَتْهُمْ مِنْ عِنْدِنَا، وَحُجَجِنَا الَّتِي أَتَتْهُمْ بِأَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ كُلِّهَا {فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ} [القمر: 42] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَعَاقَبْنَاهُمْ بِكُفْرِهِمْ بِاللَّهِ عُقُوبَةَ شَدِيدٍ لَا يُغْلَبُ، مُقْتَدِرٍ عَلَى مَا يَشَاءُ، غَيْرِ عَاجِزٍ وَلَا ضَعِيفٍ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ: {§فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ} [القمر: 42] يَقُولُ: «عَزِيزٍ فِي نِقْمَتِهِ إِذَا انْتَقَمَ»
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنتَصِرٌ سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} [القمر: 44] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِكُفَّارِ قُرَيْشٍ الَّذِينَ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ {وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} [القمر: 2] أَكُفَّارُكُمْ مَعْشَرَ قُرَيْشٍ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمُ الَّذِينَ أَحْلَلْتُ بِهِمْ نِقْمَتِي مِنْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ، وَقَوْمِ -[155]- لُوطٍ وَآلِ فِرْعَوْنَ، فَهُمْ يَأْمُلُونَ أَنْ يَنْجُوا مِنْ عَذَابِي، وَنِقَمِي عَلَى كُفْرِهِمْ بِي، وَتَكْذِيبِكُمْ رَسُولِي , يَقُولُ: إِنَّمَا أَنْتُمْ فِي كُفْرِكُمْ بِاللَّهِ وَتَكْذِيبِهِمْ رَسُولَهُ، كَبَعْضِ هَذِهِ الْأُمَمِ الَّتِي وَصَفْتُ لَكُمْ أَمْرَهُمْ، وَعُقُوبَةُ اللَّهِ بِكُمْ نَازِلَةٌ عَلَى كُفْرِكُمْ بِهِ، كَالَّذِي نَزَلَ بِهِمْ إِنْ لَمْ تَتُوبُوا وَتُنِيبُوا

الصفحة 154