كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 22)

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا يَعْقُوبُ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ قَالَ: {§وَالرَّيْحَانُ} [الرحمن: 12] «مَا قَامَ عَلَى سَاقٍ» وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: عُنِيَ بِهِ الرِّزْقُ، وَهُوَ الْحَبُّ الَّذِي يُؤْكَلُ مِنْهُ وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ، لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَخْبَرَ عَنِ الْحَبِّ أَنَّهُ ذُو الْعَصْفِ، وَذَلِكَ مَا وَصَفْنَا مِنَ الْوَرَقِ الْحَادِثِ مِنْهُ، وَالتِّبْنُ إِذَا يَبِسَ، فَالَّذِي هُوَ أَوْلَى بِالرَّيْحَانِ، أَنْ يَكُونَ حَبُّهُ الْحَادِثُ مِنْهُ، إِذْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الشَّيْءِ الَّذِي مِنْهُ الْعَصْفُ، وَمَسْمُوعٌ مِنَ الْعَرَبِ تَقُولُ: خَرَجْنَا نَطْلُبُ رَيْحَانَ اللَّهِ وَرِزْقَهُ، وَيُقَالُ: سُبْحَانَكَ وَرَيْحَانَكَ: أَيْ وَرِزْقَكَ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْنَّمِرِ بْنِ تَوْلَبٍ:
سَلَامُ الْإِلَهِ وَرَيْحَانُهُ ... وَجَنَّتُهُ وَسَمَاءٌ دِرَرْ
وَذُكِرَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: الْعَصْفُ: الْمَأْكُولُ مِنَ الْحَبِّ، وَالرَّيْحَانُ: الصَّحِيحُ الَّذِي لَمْ يُؤْكَلْ وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: {وَالرَّيْحَانُ} [الرحمن: 12] فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَبَعْضُ الْمَكِّيِّينَ وَبَعْضُ الْكُوفِيِّينَ بِالرَّفْعِ عَطْفًا بِهِ عَلَى الْحَبِّ،

الصفحة 188