كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 22)

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {§لَا يَبْغِيَانِ} [الرحمن: 20] قَالَ: «لَا يَبْغِي أَحَدُهُمَا أَنْ يَلْتَقِيَ مَعَ صَاحِبِهِ» وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ وَصَفَ الْبَحْرَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُمَا لَا يَبْغِيَانِ، وَلَمْ يُخَصِّصْ وَصْفَهُمَا فِي شَيْءٍ دُونَ شَيْءٍ، بَلْ عَمَّ الْخَبَرَ عَنْهُمَا بِذَلِكَ، فَالصَّوَابُ أَنْ يَعُمَّ كَمَا عَمَّ جَلَّ ثَنَاؤُهُ، فَيُقَالَ: إِنَّهُمَا لَا يَبْغِيَانِ عَلَى شَيْءٍ، وَلَا يَبْغِي أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ، وَلَا يَتَجَاوَزَانِ حَدَّ اللَّهِ الَّذِي حَدَّهُ لَهُمَا
§وَقَوْلُهُ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: 13] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَبِأَيِّ نِعَمِ اللَّهِ رَبِّكُمَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ تُكَذِّبَانِ مِنْ هَذِهِ النَعَمِ الَّتِي أَنْعَمَ عَلَيْكُمْ مِنْ مَرْجِهِ الْبَحْرَيْنِ، حَتَّى جَعَلَ لَكُمْ بِذَلِكَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا كَذَلِكَ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: 23] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: يَخْرُجُ مِنْ هَذَيْنِ الْبَحْرَيْنِ اللَّذَيْنِ مَرَجَهُمَا اللَّهُ، وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي صِفَةِ اللُّؤْلُؤِ وَالْمَرْجَانِ، فَقَالَ بَعْضُهُمُ: اللُّؤْلُؤُ: مَا عَظُمَ مِنَ الدُّرِّ، وَالْمَرْجَانُ: مَا صَغُرَ مِنْهُ

الصفحة 204