كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 22)

وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي اللُّؤْلُؤِ، أَنَّهُ هُوَ الَّذِي عَرَفَهُ النَّاسُ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْ أَصْدَافِ الْبَحْرِ مِنَ الْحَبِّ؛ وَأَمَّا الْمَرْجَانُ، فَإِنِّي رَأَيْتُ أَهْلَ الْمَعْرِفَةِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ لَا يَتَدَافَعُونَ أَنَّهُ جَمْعُ مَرْجَانَةٍ، وَأَنَّهُ الصِّغَارُ مِنَ اللُّؤْلُؤِ، قَدْ ذَكَرْنَا مَا فِيهِ مِنَ الِاخْتِلَافِ بَيْنَ مُتَقَدِّمِي أَهْلِ الْعِلْمِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِصَوَابِ ذَلِكَ وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ أَنَّ اللُّؤْلُؤَ وَالْمَرْجَانَ يَخْرُجُ مِنْ أَحَدِ الْبَحْرَيْنِ، وَلَكِنْ قِيلَ: يَخْرُجُ مِنْهُمَا، كَمَا يُقَالُ أَكَلْتُ: خُبْزًا وَلَبَنًا، وَكَمَا قِيلَ:
[البحر الكامل]
وَرَأَيْتِ زَوْجَكِ فِي الْوَغَى ... مُتَقَلِّدًا سَيْفًا وَرُمْحَا
وَلَيْسَ ذَلِكَ كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ، بَلْ ذَلِكَ كَمَا وَصَفْتُ مِنْ قَبْلُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ يَخْرُجُ مِنْ أَصْدَافِ الْبَحْرِ، عَنْ قَطْرِ السَّمَاءِ، فَلِذَلِكَ قِيلَ: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ} [الرحمن: 22] يَعْنِي بِهِمَا الْبَحْرَيْنِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «إِنَّ §السَّمَاءَ إِذَا أَمْطَرَتْ، فَتَحَتِ الْأَصْدَافُ أَفْوَاهَهَا، فَمِنْهَا اللُّؤْلُؤُ»

الصفحة 208