كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 22)

§وَقَوْلُهُ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: 13] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَبِأَيِّ نِعَمِ رَبِّكُمَا مَعْشَرَ الثَّقَلَيْنِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْكُمْ فِيمَا أَخْرَجَ لَكُمْ مِنْ مَنَافِعِ هَذَيْنِ الْبَحْرَيْنِ تُكَذِّبَانِ
§وَقَوْلُهُ: {وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ} [الرحمن: 24] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلِرَبِّ الْمَشْرِقَيْنِ وَالْمَغْرِبَيْنِ الْجَوَارِي، وَهِيَ السُّفُنُ الْجَارِيَةُ فِي الْبِحَارِ. وَقَوْلُهُ: {الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ} [الرحمن: 24] اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ (الْمُنْشِئَاتُ) بِكَسْرِ الشِّينِ، بِمَعْنَى: الظَّاهِرَاتُ السَّيْرِ اللَّاتِي يُقْبِلْنَ وَيُدْبِرْنَ وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْبَصْرَةِ وَالْمَدِينَةِ وَبَعْضُ الْكُوفِيِّينَ {الْمُنْشَآتُ} [الرحمن: 24] بِفَتْحِ الشِّينِ، بِمَعْنَى الْمَرْفُوعَاتُ الْقِلَاعِ اللَّاتِي تُقْبِلُ بِهِنَّ وَتُدْبِرُ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ صَحِيحَتَا الْمَعْنَى مُتَقَارِبَتَاهُ، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فِمُصِيبٌ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَاهُ فِيهِ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: ثَنَا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، -[211]- قَوْلَهُ: {§الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ} [الرحمن: 24] قَالَ: «مَا رُفِعَ قِلْعَهُ مِنَ السُّفُنِ فَهِيَ مُنْشَآتٌ، وَإِذَا لَمْ يُرْفَعْ قِلْعُهَا فَلَيْسَتْ بِمُنْشَأَةٍ»

الصفحة 210