كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 22)
§وَقَوْلُهُ: {لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا} [الحشر: 3] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ} [الحشر: 3] مِنْ أَرْضِهِمْ وَدِيَارِهِمْ {لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا} [الحشر: 3] بِالْقَتْلِ وَالسَّبْيِ، وَلَكِنَّهُ رَفَعَ الْعَذَابَ عَنْهُمْ فِي الدُّنْيَا بِالْقَتْلِ، وَجَعَلَ عَذَابَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْجَلَاءَ {وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ} [الحشر: 3] مَعَ مَا حَلَّ بِهِمْ مِنَ الْخِزْيِ فِي الدُّنْيَا بِالْجِلَاءِ عَنْ أَرْضِهِمْ وَدُورِهِمْ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: كَانَ §النَّضِيرُ مِنْ سِبْطٍ لَمْ يُصِبْهُمْ جَلَاءٌ فِيمَا مَضَى، وَكَانَ اللَّهُ قَدْ كَتَبَ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا بِالْقَتْلِ وَالسَّبْيِ
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، قَالَ: ثني مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، {وَلَوْلَا أَنْ §كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ} [الحشر: 3] وَكَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ نِقْمَةً، {لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا} [الحشر: 3] أَيْ بِالسَّيْفِ {وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ} [الحشر: 3] مَعَ ذَلِكَ
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: {وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ} [الحشر: 3] قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ §حَاصَرَهُمْ حَتَّى بَلَغَ مِنْهُمْ كُلَّ مَبْلَغٍ، فَأَعْطُوهُ مَا أَرَادَ مِنْهُمْ، فَصَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ يَحْقِنَ لَهُمْ دِمَاءَهُمْ، وَأَنْ -[506]- يُخْرِجَهُمْ مِنْ أَرْضِهِمْ وَأَوْطَانِهِمْ، وَيُسَيِّرَهُمْ إِلَى أَذْرِعَاتِ الشَّامِ، وَجَعَلَ لِكُلِّ ثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ بَعِيرًا وَسِقَاءً
الصفحة 505