كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 22)

حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {§وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ} [الحشر: 3] أَهْلُ النَّضِيرِ، حَاصَرَهُمْ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَلَغَ مِنْهُمْ كُلَّ مَبْلَغٍ، فَأَعْطُوا نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَرَادَ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ وَزَادَ فِيهِ: فَهَذَا الْجَلَاءُ
§وَقَوْلُهُ: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الأنفال: 13] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: هَذَا الَّذِي فَعَلَ اللَّهُ بِهَؤُلَاءِ الْيَهُودِ مَا فَعَلَ بِهِمْ مِنْ إِخْرَاجِهِمْ مِنْ دِيَارِهِمْ، وَقَذْفِ الرُّعْبِ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَجَعَلَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابَ النَّارِ بِمَا فَعَلُوا هُمْ فِي الدُّنْيَا مِنْ مُخَالَفَتِهِمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فِي أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، وَعِصْيَانِهِمْ رَبَّهُمْ فِيمَا أَمَرَهُمْ بِهِ مِنَ اتِّبَاعِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. {وَمَن يُشَاقِّ اللهَ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الحشر: 4] . يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَمَنْ يُخَالِفِ اللَّهَ فِي أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ.
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} [الحشر: 5] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: مَا قَطَعْتُمْ مِنْ أَلْوَانِ النَّخْلِ، أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا. اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى اللِّينَةِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ جَمِيعُ أَنْوَاعِ النَّخْلِ سِوَى الْعَجْوَةِ.

الصفحة 506