كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 22)

وَحُدِّثْتُ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ: أَنْشَدَنِي الْأَخْفَشُ:
فَإِنْ تَنَأْ عَنَّا نَنْتَقِصْكَ وَإِنْ تَغِبْ ... فَسَهْمُكَ مَضْئُوزٌ وَأَنْفُكَ رَاغِمُ
وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ: ضَيزَى بِفَتْحِ الضَّادِ وَتُرِكَ الْهَمْزُ فِيهَا؛ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: ضَأْزَى بِالْفَتْحِ وَالْهَمْزِ، وَضُؤْزَى بِالضَّمِّ وَالْهَمْزِ، وَلَمْ يَقْرَأْ أَحَدٌ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ اللُّغَاتِ وَأَمَّا الضِّيزِى بِالْكَسْرِ فَإِنَّهَا فُعْلَى بِضَمِّ الْفَاءُ، وَإِنَّمَا كُسِرَتِ الضَّادُ مِنْهَا كَمَا كُسِرَتْ مِنْ قَوْلِهِمْ: قَوْمٌ بِيضٌ وَعِينٌ، وَهِيَ «فُعْلٌ» لِأَنَّ وَاحِدُهَا: بَيْضَاءُ وَعَيْنَاءُ لِيُؤَلِّفُوا بَيْنَ الْجَمْعِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْوَاحِدِ، وَكَذَلِكَ كَرِهُوا ضَمَّ الضَّادِ مِنْ ضِيزَى، فَتَقُولُ: ضُوزَى، مَخَافَةَ أَنْ تَصِيرَ بِالْوَاوِ وَهِيَ مِنَ الْيَاءِ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: إِنَّمَا قَضَيْتُ عَلَى أَوَّلِهَا بِالضَّمِّ، لِأَنَّ النُّعُوتَ لِلْمُؤَنَّثِ تَأْتِي إِمَّا بِفَتْحٍ، وَإِمَّا بِضَمٍّ؛ فَالْمَفْتُوحُ: سَكْرَى وَعَطْشَى؛ وَالْمَضْمُومُ: الْأُنْثَى وَالْحُبْلَى؛ فَإِذَا كَانَ اسْمًا لَيْسَ بِنَعْتٍ كُسِرَ أَوَّلُهُ، كَقَوْلِهِ: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات: 55] كُسِرَ أَوَّلُهَا، لِأَنَّهَا اسْمٌ لَيْسَ بِنَعْتٍ، وَكَذَلِكَ الشِّعْرَى كُسِرَ أَوَّلُهَا، لِأَنَّهَا اسْمٌ لَيْسَ بِنَعْتٍ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: {قِسْمَةٌ ضِيزَى} [النجم: 22] قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَلْفَاظُهُمْ بِالْعِبَارَةِ عَنْهَا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: قِسْمَةٌ عَوْجَاءُ

الصفحة 52