كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 22)

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُضِيفَهُ، فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يُضَيِّفُهُ، فَقَالَ: «أَلَا رَجُلٌ يُضِيفُ هَذَا رَحِمَهُ اللَّهُ؟» فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالَ لَهُ أَبُو طَلْحَةَ، فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى رَحْلِهِ، فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَكْرِمِي ضَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §نَوِّمِي الصِّبْيَةَ، وَأَطْفِئِي الْمِصْبَاحَ وَأَرِيهِ بِأَنَّكِ تَأْكُلِينَ مَعَهُ، وَاتْرُكِيهِ لِضَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفَعَلَتْ فَنَزَلَتْ {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9]
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ فُضَيْلٍ، عَنْ غَزْوَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ بَاتَ بِهِ ضَيْفٌ، فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إِلَّا قُوتَهُ وَقُوتَ صِبْيَانِهِ، فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: §نَوِّمِي الصِّبْيَةَ وَأَطْفِئِي الْمِصْبَاحِ، وَقَرِّبِي لِلضَّيْفِ مَا عِنْدَكِ، قَالَ: فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ -[529]- {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ} [الحشر: 9] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: مَنْ وَقَاهُ اللَّهُ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ الْمُخَلَّدُونَ فِي الْجَنَّةِ. وَالشُّحُّ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: الْبُخْلُ، وَمَنْعُ الْفَضْلِ مِنَ الْمَالِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ عَمْرِو بْنِ كُلْثُومٍ:
[البحر الوافر]

تَرَى اللَّحِزَ الشَّحِيحَ إِذَا أُمِرَّتْ ... عَلَيْهِ لِمَالِهِ فِيهَا مُهِينًا
يَعْنِي بِالشَّحِيحِ: الْبَخِيلَ، يُقَالَ: إِنَّهُ لَشَحِيحٌ بَيُّنُ الشُّحِّ وَالشُّحِّ، وَفِيهِ شِحَّةٌ شَدِيدَةٌ وَشَحَاحَةٌ. وَأَمَّا الْعُلَمَاءُ فَإِنَّهُمْ يَرَوْنَ أَنَّ الشُّحَّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ إِنَّمَا هُوَ: أَكْلُ أَمْوَالِ النَّاسِ بِغَيْرِ حَقٍّ

الصفحة 528