كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 22)
§وَقَوْلُهُ: {وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا} [الحشر: 11] يَقُولُ: وَلَا نُطِيعُ أَحَدًا سَأَلَنَا خِذْلَانَكُمْ، وَتَرَكَ نُصْرَتَكُمْ، وَلَكِنَّا نَكُونُ مَعَكُمْ. {وَلَئِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ} يَقُولُ: وَإِنْ قَاتَلَكُمْ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ مَعَهُ لَنَنْصُرَنَّكُمْ مَعْشَرَ النَّضِيرِ عَلَيْهِمْ.
§وَقَوْلُهُ: {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [التوبة: 107] يَقُولُ: وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ وَعَدُوا بَنِي النَّضِيرِ النُّصْرَةَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكَاذِبُونَ فِي وَعْدِهِمْ إِيَّاهُمْ مَا وَعَدُوهُمْ مِنْ ذَلِكَ.
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ} [الحشر: 12] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: لَئِنْ أُخْرِجَ بَنُو النَّضِيرِ مِنْ دِيَارِهِمْ، فَأُجْلُوا عَنْهَا لَا يَخْرُجُ مَعَهُمُ الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ وَعَدُوهُمُ الْخُرُوجَ مِنْ دِيَارِهِمْ، وَلَئِنْ قَاتَلَهُمْ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَنْصُرُهُمُ الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ وَعَدُوهُمُ النَّصْرَ، وَلَئِنْ نَصَرَ الْمُنَافِقُونَ بَنِي النَّضِيرِ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ مُنْهَزِمِينَ عَنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ هَارِبِينَ مِنْهُمْ، قَدْ خَذَلُوهُمْ. {ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ} [آل عمران: 111] يَقُولُ: ثُمَّ لَا يَنْصُرُ اللَّهُ بَنِي النَّضِيرِ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ بَلْ يَخْذُلُهُمْ.
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلاَّ فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ} [الحشر: 14] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِلْمُؤْمِنِينَ بِهِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَأَنْتُمْ أَيُّهَا -[537]- الْمُؤْمِنُونَ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِ الْيَهُودِ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ مِنَ اللَّهِ: يَقُولُ: هُمْ يَرْهَبُونَهُمْ أَشَدَّ مِنْ رَهْبَتِهِمْ مِنَ اللَّهِ. {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ} [الحشر: 13] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: هَذِهِ الرَّهْبَةُ الَّتِي لَكُمْ فِي صُدُورِ هَؤُلَاءِ الْيَهُودِ الَّتِي هِيَ أَشَدُّ مِنْ رَهْبَتِهِمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ، قَدْرَ عَظَمَةِ اللَّهِ، فَهُمْ لِذَلِكَ يَسْتَخِفُّونَ بِمَعَاصِيهِ، وَلَا يَرْهَبُونَ عِقَابَهُ قَدْرَ رَهْبَتِهِ مِنْكُمْ.
الصفحة 536