كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 22)
§وَقَوْلُهُ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الممتحنة: 6] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ قُدْوَةٌ حَسَنَةٍ فِي الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ إِبْرَاهِيمُ وَالَّذِينَ مَعَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَالرُّسُلِ. {لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} [الأحزاب: 21] يَقُولُ: لِمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ، وَثَوَابَ اللَّهِ، وَالنَّجَاةَ فِي الْيَوْمِ الْآخِرِ.
§وَقَوْلُهُ: {وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [الحديد: 24] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَمَنْ يَتَوَلَّ عَمَّا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ وَنَدَبَهُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَمِنْ غَيْرِكُمْ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ وَأَدْبَرَ مُسْتَكْبِرًا، وَوَالَى أَعْدَاءَ اللَّهِ، وَأَلْقَى إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ، فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ عَنْ إِيمَانِهِ بِهِ، وَطَاعَتِهِ إِيَّاهُ، وَعَنْ جَمِيعِ خَلْقِهِ، الْحَمِيدُ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِأَيَادِيهِ، وَآلَائِهِ عِنْدَهُمْ.
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الممتحنة: 7] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: عَسَى اللَّهُ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْ أَعْدَائِي مِنْ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ مَوَدَّةً، فَفَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ بِهِمْ، بِأَنْ أَسْلَمَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، فَصَارُوا لَهُمْ أَوْلِيَاءَ وَأَحْزَابًا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {§عَسَى -[571]- اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً} [الممتحنة: 7] قَالَ: هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ قَدْ فَعَلَ، قَدْ أَدْخَلَهُمْ فِي السِّلْمِ وَجَعَلَ بَيْنَهُمْ مَوَدَّةً حِينَ كَانَ الْإِسْلَامُ حِينَ الْفَتْحِ
الصفحة 570