كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 22)
§ذِكْرُ بَعْضِ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ مِنَ الْأَثَرِ
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَهُوَ يَكْتُبُ كِتَابًا إِلَى ابْنِ أَبِي هُنَيْدٍ صَاحِبِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} [الممتحنة: 10] إِلَى قَوْلِهِ: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [الممتحنة: 10] وَكَتَبَ إِلَيْهِ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ صَالَحَ قُرَيْشًا عَامَ الْحُدَيْبِيَةَ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ مَنْ جَاءَ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهِ؛ فَلَمَّا هَاجَرَ النِّسَاءُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِلَى الْإِسْلَامِ، §أَبَى اللَّهُ أَنْ يُرْدَدْنَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ، إِذَا هُنَّ امْتَحَنَ مِحْنَةَ الْإِسْلَامِ، فَعَرَفُوا أَنَّهُنَّ إِنَّمَا جِئْنَ رَغْبَةً فِيهِ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [الممتحنة: 10]
§وَقَوْلُهُ: {وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا} [الممتحنة: 10] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَأَعْطُوا الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ جَاءَكُمْ نِسَاؤُهُمْ مُؤْمِنَاتٍ إِذَا عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ، فَلَمْ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَيْهِمْ مَا أَنْفَقُوا فِي نِكَاحِهِمْ إِيَّاهُنَّ مِنَ الصَّدَاقِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ -[580]- أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} [الممتحنة: 10] إِلَى قَوْلِهِ: {عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [الممتحنة: 10] قَالَ: كَانَ §امْتِحَانُهُنَّ أَنْ يَشْهَدْنَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَإِذَا عَلِمُوا أَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ مِنْهُنَّ لَمْ يَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ، وَأَعْطَى بَعْلَهَا مِنَ الْكُفَّارِ الَّذِينَ عَقَدَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَاقَهُ الَّذِي أَصْدَقَهَا
الصفحة 579