كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 22)

§وَقَوْلُهُ: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ} [النجم: 32] يَقُولُ: الَّذِينَ يَبْتَعِدُونَ عَنْ كَبَائِرِ الْإِثْمِ الَّتِي نَهَى اللَّهُ عَنْهَا وَحَرَّمَهَا عَلَيْهِمْ فَلَا يَقْرَبُونَهَا، وَذَلِكَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَمَا قَدْ بَيَّنَّاهُ فِي قَوْلِهِ: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء: 31]
§وَقَوْلُهُ: {وَالْفَوَاحِشَ} [الشورى: 37] وَهِيَ الزِّنَا وَمَا أَشْبَهَهُ، مِمَّا أَوْجَبَ اللَّهُ فِيهِ حَدًّا
§وَقَوْلُهُ: {إِلَّا اللَّمَمَ} [النجم: 32] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى «إِلَّا» فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ بِمَعْنَى الِاسْتِثَنَاءِ الْمُنْقَطِعِ، وَقَالُوا: مَعْنَى الْكَلَامِ: الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ، إِلَّا اللَّمَمَ الَّذِي أَلَمُّوا بِهِ مِنَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ عَفَا لَهُمْ عَنْهُ، فَلَا يُؤَاخِذُهُمْ بِهِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: {§الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ} [النجم: 32] يَقُولُ: «إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ»
حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {§الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ} [النجم: 32] قَالَ: «الْمُشْرِكُونَ إِنَّمَا كَانُوا بِالْأَمْسِ يَعْمَلُونَ مَعْنَاهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ» {إِلَّا اللَّمَمَ} [النجم: 32] " مَا كَانَ مِنْهُمْ -[61]- فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ: وَاللَّمَمُ: الَّذِي أَلَمُّوا بِهِ مِنْ تِلْكَ الْكَبَائِرِ وَالْفَوَاحِشِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ، وَغَفَرَهَا لَهُمْ حِينَ أَسْلَمُوا "

الصفحة 60