كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 22)
§سُورَةُ الْجُمُعَةِ مَدَنِيَّةٌ وَآيَاتُهَا إِحْدَى عَشْرَةَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: يُسَبِّحُ لِلَّهِ كُلُّ مَا فِي السَّمَوَاتِ السَّبْعِ، وَكُلُّ مَا فِي الْأَرَضِينَ مِنْ خَلْقِهِ، وَيُعَظِّمُهُ طَوْعًا وَكَرْهًا {الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ} [الحشر: 23] الَّذِي لَهُ مُلْكُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَسُلْطَانُهُمَا، النَّافِذُ أَمْرُهُ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِمَا، {الْقُدُّوسِ} [الحشر: 23] : وَهُوَ الطَّاهِرُ مِنْ كُلِّ مَا يُضِيفُ إِلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ بِهِ، وَيَصِفُونَهُ بِهِ مِمَّا لَيْسَ مِنْ صِفَاتِهِ الْمُبَارَكُ {الْعَزِيزِ} [البقرة: 129] يَعْنِي الشَّدِيدَ فِي انْتِقَامِهِ مِنْ أَعْدَائِهِ {الْحَكِيمِ} [البقرة: 32] فِي تَدْبِيرِهِ خَلْقَهُ، وَتَصْرِيفِهِ إِيَّاهُمْ فِيمَا هُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِنْ مَصَالِحِهِمْ.
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الجمعة: 2] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: اللَّهُ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ، فَقَوْلُهُ هُوَ كِنَايَةٌ مِنِ اسْمِ اللَّهِ، وَالْأُمِّيُّونَ هُمُ الْعَرَبُ. وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ قِيلَ لِلْأُمِّيِّ أُمِّيٌّ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
الصفحة 625