كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 22)
§سُورَةُ الْمُنَافِقُونَ مَدَنِيَّةٌ وَآيَاتُهَا إِحْدَى عَشْرَةَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لِرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لِرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: 1] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} [المنافقون: 1] يَا مُحَمَّدُ قَالُوا بِأَلْسِنَتِهِمْ {نَشْهَدُ إِنَّكَ لِرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لِرَسُولُهُ} [المنافقون: 1] قَالَ الْمُنَافِقُونَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَقُولُوا {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: 1] يَقُولُ: وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ فِي إِخْبَارِهِمْ عَنْ أَنْفُسِهِمْ أَنَّهَا تَشْهَدُ إِنَّكَ لِرَسُولُ اللَّهِ، وَذَلِكَ أَنَّهَا لَا تَعْتَقِدُ ذَلِكَ وَلَا تُؤْمِنُ بِهِ، فَهُمْ كَاذِبُونَ فِي خَبَرِهِمْ عَنْهَا بِذَلِكَ. وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: 1] إِنَّمَا كَذَبَ ضَمِيرُهُمْ لِأَنَّهُمْ أَضْمَرُوا النِّفَاقَ، فَكَمَا لَمْ يَقْبَلْ إِيمَانَهُمْ، وَقَدْ أَظْهَرُوهُ، فَكَذَلِكَ جَعَلَهُمْ كَاذِبَيْنَ، لِأَنَّهُمْ أَضْمَرُوا غَيْرَ مَا أَظْهَرُوا.
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [المنافقون: 2] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: اتَّخَذَ الْمُنَافِقُونَ أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً، وَهِيَ حَلِفُهُمْ.
كَمَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، {§اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً} [المنافقون: 2] أَيْ حَلِفَهُمْ جُنَّةً
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي -[651]- الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: {§اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً} [المنافقون: 2] قَالَ: يَجِيئُونَ بِهَا، قَالَ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا
الصفحة 650