كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 22)

إِرَمَ بْنَ عُوصِ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ، وَهُمُ الَّذِينَ أَهْلَكُهُمُ اللَّهُ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ، وَإِيَّاهُمْ عَنَى بِقَوْلِهِ: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ} [الفجر: 7] وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَبَعْضُ قُرَّاءِ الْبَصْرَةِ (عَادًا لُولَى) بِتَرْكِ الْهَمْزِ وَجَزْمِ النُّونِ حَتَّى صَارَتِ اللَّامُ فِي الْأُولَى، كَأَنَّهَا لَامٌ مُثَقَّلَةٌ، وَالْعَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ فِي مِثْلِ هَذَا، حُكِيَ عَنْهَا سَمَاعًا مِنْهُمْ: «قُمْ لَانَ عَنَّا» ، يُرِيدُ: قُمِ الْآنَ، جَزَمُوا الْمِيمَ لَمَّا حُرِّكَتِ اللَّامُ الَّتِي مَعَ الْأَلِفِ فِي الْآنَ، وَكَذَلِكَ تَقُولُ: صُمِ اثْنَيْنِ، يُرِيدُونَ: صُمْ الِاثْنَيْنِ وَأَمَّا عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ وَبَعْضُ الْمَكِّيِّينَ، فَإِنَّهُمْ قَرَأُوا ذَلِكَ بِإِظْهَارِ النُّونِ وَكَسْرِهَا، وَهَمْزِ الْأُولَى عَلَى اخْتِلَافٍ فِي ذَلِكَ عَنِ الْأَعْمَشِ، فَرَوَى أَصْحَابُهُ عَنْهُ غَيْرَ الْقَاسِمِ بْنِ مَعْنٍ مُوَافَقَةَ أَهْلِ بَلَدِهِ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا الْقَاسِمُ بْنُ مَعْنٍ فَحُكِيَ عَنْهُ عَنِ الْأَعْمَشِ أَنَّهُ وَافَقَ فِي قِرَاءَتِهِ ذَلِكَ قِرَاءَةَ الْمَدَنِيِّينَ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا مَا ذَكَرْنَا مِنْ قِرَاءَةِ الْكُوفِيِّينَ، لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْفَصِيحُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، وَأَنَّ قِرَاءَةَ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّلِيقَةِ فَعَلَى الْبَيَانِ وَالتَّفْخِيمِ، وَأَنَّ الْإِدْغَامَ فِي مِثْلِ هَذَا الْحَرْفِ وَتَرْكَ الْبَيَانِ إِنَّمَا يُوَسَّعُ فِيهِ لِمَنْ كَانَ ذَلِكَ سَجِيَّتَهُ وَطَبْعَهُ مِنْ أَهْلِ الْبَوَادِي فَأَمَّا الْمُوَلَّدُونَ فَإِنَّ حُكْمَهُمْ أَنْ يَتَحَرَّوْا أَفْصَحَ الْقِرَاءَاتِ وَأَعْذَبَهَا وَأَثْبَتَهَا، وَإِنْ كَانَتِ الْأُخْرَى جَائِزَةٌ غَيْرُ مَرْدُودَةٍ وَإِنَّمَا قِيلَ لِعَادِ بْنِ إِرَمَ: عَادٌ الْأُولَى، لِأَنَّ بَنِي لُقَيمِ بْنِ هَزَّالِ بْنِ هُزَيْلِ بْنِ عَبِيلِ بْنِ ضِدِّ بْنِ عَادٍ الْأَكْبَرِ، كَانُوا أَيَّامَ أَرْسَلَ اللَّهُ عَلَى عَادٍ الْأَكْبَرِ عَذَابَهُ سُكَّانًا

الصفحة 87