كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 23)

§سُورَةُ الْمُلْكِ مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا ثَلَاثُونَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} [الملك: 2] يَعْنِي بِقَوْلُهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {تَبَارَكَ} [الأعراف: 54] تَعَاظَمَ وَتَعَالَى {الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} [الملك: 1] بِيَدِهِ مُلْكُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَسُلْطَانُهُمَا نَافِذٌ فِيهِمَا أَمْرُهُ وَقَضَاؤُهُ. {وَهُوَ عَلَى كِلِّ شَيْءٍ قَدِيرٍ} [المائدة: 120] يَقُولُ: وَهُوَ عَلَى مَا يَشَاءُ فِعْلُهُ ذُو قُدْرَةٍ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ فِعْلِهِ مَانِعٌ، وَلَا يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ عَجْزٌ.
§وَقَوْلُهُ: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ} [الملك: 2] فَأَمَاتَ مَنْ شَاءِ وَمَا شَاءَ، وَأَحْيَا مَنْ أَرَادَ وَمَا أَرَادَ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ. {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [هود: 7] يَقُولُ: لِيَخْتَبِرَكُمْ فَيَنْظُرْ أَيُّكُمْ لَهُ أَيُّهَا النَّاسُ أَطْوَعُ، وَإِلَى طَلَبِ رِضَاهُ أَسْرَعُ.
وَقَدْ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: {§الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ} [الملك: 2] قَالَ: أَذَلَّ اللَّهُ ابْنَ آدَمَ بِالْمَوْتِ، وَجَعَلَ الدُّنْيَا دَارَ حَيَاةٍ وَدَارَ فَنَاءٍ، وَجَعَلَ الْآخِرَةَ دَارَ جَزَاءٍ وَبَقَاءٍ
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، {§الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ} [الملك: 2] ذُكِرَ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ أَذَلَّ ابْنَ آدَمَ بِالْمَوْتِ»

الصفحة 118