كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 23)

§وَقَوْلُهُ: {وَهُوَ الْعَزِيزُ} [إبراهيم: 4] يَقُولُ: وَهُوَ الْقَوِيُّ الشَّدِيدُ انْتِقَامُهُ مِمَّنْ عَصَاهُ، وَخَالَفَ أَمْرَهُ الْغَفُورُ ذُنُوبَ مَنْ أَنَابَ إِلَيْهِ وَتَابَ مِنْ ذُنُوبِهِ.
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: مُخْبِرًا عَنْ صِفَتِهِ {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا} طَبَقًا فَوْقَ طَبَقٍ، بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ.
§وَقَوْلُهُ: مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ الَّذِي خَلَقَ لَا فِي سَمَاءٍ وَلَا فِي أَرْضٍ، وَلَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ تَفَاوُتٍ، يَعْنِي مِنَ اخْتِلَافٍ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: {§مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ} [الملك: 3] مَا تَرَى فِيهِمْ مِنَ اخْتِلَافٍ
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: {§مِنْ تَفَاوُتٍ} [الملك: 3] قَالَ: مِنِ اخْتِلَافٍ وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَبَعْضِ -[120]- الْكُوفِيِّينَ: {مِنْ تَفَاوُتٍ} [الملك: 3] بِأَلِفٍ. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ: (مِنْ تَفَوُّتٍ) بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ بِغَيْرِ أَلِفٍ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، كَمَا قِيلَ: وَلَا تُصَاعِرْ، وَلَا تُصَعِّرْ؛ وَتَعَهَّدْتُ فُلَانًا، وَتَعَاهَدْتُهُ؛ وَتَظَهَّرْتُ، وَتَظَاهَرْتُ؛ وَكَذَلِكَ التَّفَاوتُ وَالتَّفَوُّتُ

الصفحة 119