كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 23)

وَقَدْ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، {§وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ} [الملك: 5] إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِنَّمَا خَلَقَ هَذِهِ النُّجُومَ لِثَلَاثِ خِصَالٍ: خَلَقَهَا زِينَةً لِلسَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَرُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ، وَعَلَامَاتٍ يُهْتَدَى بِهَا؛ فَمَنْ يَتَأَوَّلُ مِنْهَا غَيْرَ ذَلِكَ، فَقَدْ قَالَ بِرَأْيِهِ، وَأَخْطَأَ حَظَّهُ، وَأَضَاعَ نَصِيبَهُ، وَتَكَلَّفَ مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ
§وَقَوْلُهُ: {وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ} [الملك: 5] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَأَعْتَدْنَا لِلشَّيَاطِينِ فِي الْآخِرَةِ عَذَابَ السَّعِيرِ، تُسَعَّرَ عَلَيْهِمْ فَتُسَجَّرَ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ} [الملك: 7] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمُ الَّذِي خَلَقَهُمْ فِي الدُّنْيَا {عَذَابُ جَهَنَّمَ} [الفرقان: 65] فِي الْآخِرَةِ {وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [البقرة: 126] يَقُولُ: وَبِئْسَ الْمَصِيرُ عَذَابُ جَهَنَّمَ.
§وَقَوْلُهُ: {إِذَا أُلْقُوا فِيهَا} [الملك: 7] يَعْنِي إِذَا أُلْقِيَ الْكَافِرُونَ فِي جَهَنَّمَ {سَمِعُوا لَهَا} [الفرقان: 12] يَعْنِي لِجَهَنَّمَ {شَهِيقًا} [الملك: 7] يَعْنِي بِالشَّهِيقِ: الصَّوْتَ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الْجَوْفِ بِشِدَّةٍ كَصَوْتِ الْحِمَارِ، كَمَا قَالَ رُؤْبَةُ فِي صِفَةِ حِمَارٍ:
[البحر الرجز]
حَشْرَجَ فِي الْجَوْفِ سَحِيلًا أَوْ شَهَقْ ... حَتَّى يُقَالَ نَاهِقٌ وَمَا نَهَقْ

الصفحة 123