كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 23)

§وَقَوْلُهُ: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ} [النحل: 125] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ رَبَّكَ يَا مُحَمَّدُ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ، كَضَلَالِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ عَنْ دِينِ اللَّهِ، وَطَرِيقِ الْهُدَى. {وَهُو أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} يَقُولُ: وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى، فَاتَّبَعَ الْحَقَّ، وَأَقَرَّ بِهِ، كَمَا اهْتَدَيْتَ أَنْتَ فَاتَّبَعْتَ الْحَقَّ، وَهَذَا مِنْ مَعَارِيضِ الْكَلَامِ. وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَامِ: إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ يَا مُحَمَّدُ بِكَ، وَأَنْتَ الْمُهْتَدِي وَبِقَوْمِكَ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ وَإِنَّهُمُ الضَّالُّونَ عَنْ سَبِيلِ الْحَقِّ.
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ} [القلم: 9]-[156]- يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَلَا تُطِعْ يَا مُحَمَّدُ الْمُكَذِّبِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم: 9] . اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ: وَدَّ الْمُكَذِّبُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ لَوْ تَكْفُرُ بِاللَّهِ يَا مُحَمَّدُ فَيَكْفُرُونَ.

الصفحة 155