كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 23)

حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {§كَذَلِكَ الْعَذَابُ} [القلم: 33] قَالَ: عَذَابُ الدُّنْيَا: هَلَاكُ أَمْوَالِهِمْ: أَيْ عُقُوبَةُ الدُّنْيَا
§وَقَوْلُهُ: {لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [البقرة: 102] يَقُولُ: لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ يَعْلَمُونَ أَنَّ عُقُوبَةَ اللَّهِ لِأَهْلِ الشِّرْكِ بِهِ أَكْبَرُ مِنْ عُقُوبَتِهِ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا، لَارْتَدَعُوا وَتَابُوا وَأَنَابُوا، وَلَكِنَّهُمْ بِذَلِكَ جُهَّالٌ لَا يَعْلَمُونَ.
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [القلم: 35] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ} [القلم: 34] الَّذِينَ اتَّقَوْا عُقُوبَةَ اللَّهِ بِأَدَاءِ فَرَائِضِهِ، وَاجْتِنَابِ مَعَاصِيهِ {عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ} [القلم: 34] يَعْنِي: بَسَاتِينَ النَّعِيمِ الدَّائِمِ.
§وَقَوْلُهُ: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ} [القلم: 35] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَفَنَجْعَلُ أَيُّهَا النَّاسُ فِي كَرَامَتِي وَنِعْمَتِي فِي الْآخِرَةِ الَّذِينَ خَضَعُوا لِي بِالطَّاعَةِ، وَذَلُّوا لِي بِالْعُبُودِيَّةِ، وَخَشَعُوا لِأَمْرِي وَنَهْيِي، كَالْمُجْرِمِينَ الَّذِي اكْتَسَبُوا الْمَأْثَمَ، وَرَكِبُوا الْمَعَاصِي، وَخَالَفُوا أَمْرِي وَنَهْيِي؟ كَلَّا مَا اللَّهُ بِفَاعِلٍ ذَلِكَ.
§وَقَوْلُهُ: {مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [الصافات: 154] أَتَجْعَلُونَ الْمُطِيعَ لِلَّهِ مِنْ عَبِيدِهِ، وَالْعَاصِي لَهُ مِنْهُمْ فِي كَرَامَتِهِ سَوَاءً. يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: لَا تُسَوُّوا بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُمَا لَا يَسْتَوِيَانِ عِنْدَ اللَّهِ، بَلِ الْمُطِيعُ لَهُ الْكَرَامَةُ الدَّائِمَةُ، وَالْعَاصِي لَهُ الْهَوَانُ الْبَاقِي.
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا -[185]- تَخَيَّرُونَ أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِلْمُشْرِكِينَ بِهِ مِنْ قُرَيْشِ: أَلَكُمْ أَيُّهَا الْقَوْمُ بِتَسْوِيَتِكُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُجْرِمِينَ فِي كَرَامَةِ اللَّهِ كِتَابٌ نَزَلَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ أَتَاكُمْ بِهِ رَسُولٌ مِنْ رُسُلِهِ بِأَنَّ لَكُمْ مَا تَخَيَّرُونَ، فَأَنْتُمْ تَدْرُسُونَ فِيهِ مَا تَقُولُونَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.

الصفحة 184