كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 23)

حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: {§اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران: 102] قَالَ: نَسَخَتْهَا: {اتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُنَا عَنْ مَعْنَى النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ؛ وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16] دَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى أَنَّهُ لِقَوْلِهِ: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران: 102] نَاسِخٌ، إِذْ كَانَ مُحْتَمِلًا قَوْلُهُ: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران: 102] فِيمَا اسْتَطَعْتُمْ، وَلَمْ يَكُنْ بِأَنَّهُ لَهُ نَاسِخٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَالْوَاجِبُ اسْتِعْمَالُهُمَا جَمِيعًا عَلَى مَا يَحْتَمِلَانِ مِنْ وُجُوهِ الصِّحَّةِ
§وَقَوْلُهُ: {وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا} [التغابن: 16] يَقُولُ: وَاسْمَعُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَطِيعُوهُ فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ وَنَهَاكُمْ عَنْهُ {وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ} [التغابن: 16] يَقُولُ: وَأَنْفِقُوا مَالًا مِنْ أَمْوَالِكُمْ لِأَنْفُسِكُمْ تَسْتَنْقِذُوهَا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، وَالْخَيْرُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الْمَالُ.
§وَقَوْلُهُ: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 9] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَمَنْ يَقِهِ اللَّهُ شُحَّ نَفْسِهِ، وَذَلِكَ اتِّبَاعُ هَوَاهَا فِيمَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: {§وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ} [الحشر: 9] يَقُولُ: هَوَى نَفْسِهِ حَيْثُ يَتْبَعُ هَوَاهُ وَلَمْ يَقْبَلِ الْإِيمَانَ

الصفحة 20