كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 23)

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: {§وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا} [الحاقة: 7] قَالَ: حَسَمَتْهُمْ لَمْ تُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا، قَالَ: ذَلِكَ الْحُسُومُ مِثْلُ الَّذِي يَقُولُ: احْسِمْ هَذَا الْأَمْرَ؛ قَالَ: وَكَانَ فِيهِمْ ثَمَانِيَةٌ لَهُمْ خَلْقٌ يَذْهَبُ بِهِمْ فِي كُلِّ مَذْهَبٍ؛ قَالَ: قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْعَذَابُ قَالُوا: قُومُوا بِنَا نَرُدُّ هَذَا الْعَذَابَ عَنْ قَوْمِنَا؛ قَالَ: فَقَامُوا وَصَفُّوا فِي الْوَادِي، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى مَلَكِ الرِّيحِ أَنْ يَقْلَعَ مِنْهُمْ كُلَّ يَوْمٍ وَاحِدًا، وَقَرَأَ قَوْلَ اللَّهِ: {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا} [الحاقة: 7] حَتَّى بَلَغَ: {نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} [الحاقة: 7] قَالَ: فَإِنْ كَانَتِ الرِّيحُ لَتَمُرُّ بِالظَّعِينَةِ فَتَسْتَدْبِرُهَا وَحَمُولَتَهَا، ثُمَّ تَذْهَبُ بِهِمْ فِي السَّمَاءِ، ثُمَّ تَكُبُّهُمْ عَلَى الرُّءُوسِ، وَقَرَأَ قَوْلَ اللَّهِ: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} [الأحقاف: 24] قَالَ: وَكَانَ أَمْسَكَ عَنْهُمُ الْمَطَرَ، فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} [الأحقاف: 25] قَالَ: وَمَا كَانَتِ الرِّيحُ تَقْلَعُ مِنْ أُولَئِكَ الثَّمَانِيَةِ كُلَّ يَوْمٍ إِلَّا وَاحِدًا؛ قَالَ: فَلَمَّا عَذَّبَ اللَّهُ قَوْمَ عَادٍ، أَبْقَى اللَّهُ وَاحِدًا يُنْذِرُ النَّاسَ، قَالَ: فَكَانَتِ امْرَأَةٌ قَدْ رَأَتْ قَوْمَهَا، فَقَالُوا لَهَا: أَنْتِ أَيْضًا، قَالَتْ: تَنَحَّيْتُ عَلَى الْجَبَلِ؛ قَالَ: وَقَدْ قِيلَ لَهَا بَعْدُ: أَنْتِ قَدْ سَلِمْتِ وَقَدْ رَأَيْتِ، فَكَيْفَ لَا رَأَيْتِ عَذَابَ اللَّهِ؟ قَالَتْ: مَا أَدْرِي غَيْرَ أَنْ أَسْلَمَ لَيْلَةٍ: لَيْلَةَ لَا رِيحَ وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: عُنِيَ بِقَوْلِهِ: {حُسُومًا} [الحاقة: 7] مُتَتَابِعَةً، لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ عَلَى ذَلِكَ. وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ يَقُولُ: الْحُسُومُ: التِّبَاعُ، إِذَا تَتَابَعَ الشَّيْءُ فَلَمْ يَنْقَطِعْ -[215]- أَوَّلُهُ عَنْ آخِرِهِ قِيلَ فِيهِ حُسُومٌ؛ قَالَ: وَإِنَّمَا أَخَذُوا وَاللَّهِ أَعْلَمُ مِنْ حَسَمَ الدَّاءِ: إِذَا كَوَى صَاحِبَهُ، لِأَنَّهُ لَحْمٌ يُكْوَى بِالْمِكْوَاةِ، ثُمَّ يُتَابَعُ عَلَيْهِ

الصفحة 214