كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 23)

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: {§كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ} [المدثر: 54] أَيِ الْقُرْآنُ
§وَقَوْلُهُ: {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ} [المدثر: 55] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَمَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ بِهَذَا الْقُرْآنِ ذَكَّرَهُ، فَاتَّعَظَ فَاسْتَعْمَلَ مَا فِيهِ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ وَنَهْيِهِ. {وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [المدثر: 56] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَمَا يَذْكُرُونَ هَذَا الْقُرْآنَ فَيَتَّعِظُونَ بِهِ، وَيُسْتَعْمَلُونَ فِيهِ، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ أَنْ يَذْكُرُوهُ، لِأَنَّهُ لَا أَحَدَ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ إِلَّا بِأَنْ يَشَاءَ اللَّهُ يُقَدِّرُهُ عَلَيْهِ، وَيُعْطِيهِ الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ.
§وَقَوْلُهُ: {هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} [المدثر: 56] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: اللَّهُ أَهْلٌ أَنْ يَتَّقِيَ عِبَادُهُ عِقَابَهُ عَلَى مَعْصِيَتِهِمْ إِيَّاهُ، فَيَجْتَنِبُوا مَعَاصِيَهُ، وَيُسَارِعُوا إِلَى طَاعَتِهِ. {وَأَهلُ الْمَغْفِرَةِ} [المدثر: 56] يَقُولُ: هُوَ أَهْلٌ أَنْ يَغْفِرَ ذُنُوبَهُمْ إِذَا هُمْ فَعَلُوا ذَلِكَ، وَلَا يُعَاقِبَهُمْ عَلَيْهَا مَعَ تَوْبَتِهِمْ مِنْهَا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.

الصفحة 463