كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 23)

حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: {§عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ} [القيامة: 4] قَالَ: لَوْ شَاءَ جَعَلَ بَنَانَهُ مِثْلَ خُفِّ الْبَعِيرِ، أَوْ حَافِرِ الدَّابَّةِ
حُدِّثْتُ، عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمَعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {§عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ} [القيامة: 4] قَالَ: الْبَنَانُ: الْأَصَابِعُ، يَقُولُ: نَحْنُ قَادِرُونَ عَلَى أَنْ نَجْعَلَ بَنَانَهُ مِثْلَ خُفِّ الْبَعِيرِ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي وَجْهِ نَصْبِ {قَادِرِينَ} [القيامة: 4] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نُصِبَ لِأَنَّهُ وَاقِعٌ مَوْقِعَ نَفْعَلُ، فَلَمَّا رُدَّ إِلَى فَاعِلٍ نُصِبَ، وَقَالُوا: مَعْنَى الْكَلَامِ: أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ لَنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ بَلَى نَقْدِرُ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ؛ ثُمَّ صُرِفَ نَقْدِرُ إِلَى قَادِرِينَ. وَكَانَ بَعْضُ نَحْوِيِّ الْكُوفَةِ يَقُولُ: نُصِبَ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ نَجْمَعُ، كَأَنَّهُ قِيلَ فِي الْكَلَامِ: أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ نَقْوَى عَلَيْهِ؟ بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَقْوَى مِنْكَ. يُرِيدُ: بَلَى نَقْوَى مُقْتَدِرِينَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَا. وَقَالَ: قَوْلُ النَّاسِ بَلَى نَقْدِرُ، فَلَمَّا صُرِفَتْ إِلَى قَادِرِينَ نُصِبَتْ خَطَأً، لِأَنَّ الْفِعْلَ لَا يُنْصَبُ بِتَحْوِيلِهِ مِنْ يَفْعَلُ إِلَى فَاعِلٍ. أَلَا تَرَى أَنَّكَ تَقُولُ: أَتَقُومُ إِلَيْنَا، فَإِنْ حَوَّلْتَهَا إِلَى فَاعِلٍ قُلْتَ: أَقَائِمٌ، وَكَانَ خَطَأً أَنْ تَقُولَ قَائِمًا؛ قَالَ: وَقَدْ كَانُوا يَحْتَجُّونَ بِقَوْلِ الْفَرَزْدَقِ:

عَلَى قَسَمٍ لَا أَشْتُمُ الدَّهْرَ مُسْلِمًا ... وَلَا خَارِجًا مِنْ فِيَّ زُورُ كَلَامِ

الصفحة 473