كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 23)

يَتَغَيَّرُونَ عَنْ تِلْكَ السِّنِّ. وَذُكِرَ عَنِ الْعَرَبِ أَنَّهَا تَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذَا كَبِرَ وَثَبَتَ سَوَادُ شَعْرِهِ: إِنَّهُ لَمُخَلَّدٌ؛ وَكَذَلِكَ إِذَا كَبِرَ وَثَبَتَتْ أَضْرَاسُهُ وَأَسْنَانُهُ قِيلَ: إِنَّهُ لَمُخَلَّدٌ، يُرَادُ بِهِ أَنَّهُ ثَابِتُ الْحَالِ، وَهَذَا تَصْحِيحٌ لِمَا قَالَ قَتَادَةُ مِنْ أَنَّ مَعْنَاهُ: لَا يَمُوتُونَ، لِأَنَّهُمْ إِذَا ثَبَتُوا عَلَى حَالٍ وَاحِدَةٍ فَلَمْ يَتَغَيَّرُوا بِهَرَمٍ وَلَا شِيبٍ وَلَا مَوْتٍ، فَهُمْ مُخَلَّدُونَ. وَقِيلَ: إِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: {مُخَلَّدُونَ} [الواقعة: 17] مُسَوَّرُونَ بِلُغَةِ حِمْيَرَ؛ وَيُنْشَدُ لِبَعْضِ شُعَرَائِهمْ:
[البحر الكامل]
وَمُخَلَّدَاتٍ بِاللُّجَيْنِ كَأَنَّمَا ... أَعْجَازُهُنَّ أَقاوِزُ الْكُثْبَانِ
§وَقَوْلُهُ: {إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا} [الإنسان: 19] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِذَا رَأَيْتَ يَا مُحَمَّدُ هَؤُلَاءِ الْوِلْدَانِ مُجْتَمِعِينَ أَوْ مُفْتَرِقِينَ، تَحْسَبُهُمْ فِي حُسْنِهِمْ، وَنَقَاءِ بَيَاضِ وُجُوهِهِمْ، وَكَثْرَتِهِمْ، لُؤْلُؤًا مُبَدَّدًا، أَوْ مُجْتَمِعًا مَصْبُوبًا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، {§لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا} [الإنسان: 19] قَالَ: مِنْ كَثْرَتِهِمْ وَحُسْنِهِمْ

الصفحة 565