كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 23)

§وَقَوْلُهُ: {حَدِيثًا} [النساء: 42] وَالْحَدِيثُ الَّذِي أَسَرَّ إِلَيْهَا فِي قَوْلِ هَؤُلَاءِ هُوَ قَوْلُهُ لِمَنْ أَسَرَّ إِلَيْهِ ذَلِكَ مِنْ أَزْوَاجِهِ تَحْرِيمُ فَتَاتِهِ، أَوْ مَا حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ مِمَّا كَانَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَدْ أَحَلَّهُ لَهُ، وَحَلِفُهُ عَلَى ذَلِكَ وَقَوْلُهُ: «لَا تَذْكُرِي ذَلِكَ لِأَحَدٍ» .
§وَقَوْلُهُ: {فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ} [التحريم: 3] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَلَمَّا أَخْبَرَتْ بِالْحَدِيثِ الَّذِي أَسَرَّ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاحِبَتَهَا وَأَظْهَرَهُ عَلَيْهِ يَقُولُ: وَأَظْهَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّهَا قَدْ أَنْبَأَتْ بِذَلِكَ صَاحِبَتَهَا.
§وَقَوْلُهُ: {عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضْ عَنْ بَعْضٍ} [التحريم: 3] اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ غَيْرَ الْكِسَائِيِّ: {عَرَّفَ} [التحريم: 3] بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ، بِمَعْنَى: عَرَّفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَفْصَةَ بَعْضَ ذَلِكَ الْحَدِيثِ وَأَخْبَرَهَا بِهِ، وَكَانَ الْكِسَائِيُّ يَذْكُرُ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ وَقَتَادَةَ، أَنَّهُمْ قَرَءُوا ذَلِكَ: (عَرَفَ) بِتَخْفِيفِ الرَّاءِ، بِمَعْنَى: عَرَفَ لِحَفْصَةَ بَعْضَ ذَلِكَ الْفِعْلِ الَّذِي فَعَلَتْهُ مِنْ إِفْشَائِهَا سَرَّهُ، وَقَدِ اسْتَكْتَمَهَا إِيَّاهُ، أَيْ: غَضِبَ مِنْ ذَلِكَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَازَاهَا عَلَيْهِ؛ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ لِمَنْ أَسَاءَ إِلَيْهِ: لَأَعْرِفَنَّ لَكَ يَا فُلَانُ مَا فَعَلْتَ، بِمَعْنَى:

الصفحة 91