كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 24)

حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {§عَبَسَ وَتَوَلَّى} [عبس: 1] تَصَدَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ مِنْ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ كَثِيرِ الْمَالِ، وَرَجَا أَنْ يُؤْمِنَ، وَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ أَعْمَى، يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَجَعَلَ يَسْأَلُ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَرِهَهُ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَوَلَّى عَنْهُ، وَأَقْبَلَ عَلَى الْغَنِيِّ، فَوَعَظَ اللَّهُ نَبِيَّهُ، فَأَكْرَمَهُ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاسْتَخْلَفَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ مَرَّتَيْنِ، فِي غَزْوَتَيْنِ غَزَاهُمَا
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، وَسَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ: {عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى} [عبس: 2] قَالَ: جَاءَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ وَقَائِدُهُ يُبْصِرُ، وَهُوَ لَا يُبْصِرُ، قَالَ: وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُشِيرُ إِلَى قَائِدِهِ يَكُفُّ، وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ يَدْفَعُهُ وَلَا يُبْصِرُ؛ قَالَ: حَتَّى §عَبَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَاتَبَهُ اللَّهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: {عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى} [عبس: 1] إِلَى قَوْلِهِ: {فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى} [عبس: 10] قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: كَانَ يُقَالُ: لَوْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَمَ مِنَ الْوَحْيِ شَيْئًا، كَتَمَ هَذَا عَنْ نَفْسِهِ؛ قَالَ: وَكَانَ يَتَصَدَّى لِهَذَا الشَّرِيفِ فِي جَاهِلِيَّتِهِ، رَجَاءَ أَنْ يُسْلِمَ، وَكَانَ عَنْ هَذَا يَتَلَهَّى
§وَقَوْلُهُ: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى} [عبس: 3] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَمَا -[106]- يُدْرِيكَ يَا مُحَمَّدُ، لَعَلَّ هَذَا الْأَعْمَى الَّذِي عَبَسْتَ فِي وَجْهِهِ يَزَّكَّى: يَقُولُ: يَتَطَهَّرُ مِنْ ذُنُوبِهِ

الصفحة 105