كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 24)

§قَوْلُهُ: {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ} [عبس: 17] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: لُعِنَ الْإِنْسَانُ الْكَافِرُ مَا أَكْفَرَهُ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ مُجَاهِدٌ
حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْرُوقِيُّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: §مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ {قُتِلَ الْإِنْسَانُ} [عبس: 17] أَوْ فُعِلَ بِالْإِنْسَانِ، فَإِنَّمَا عُنِيَ بِهِ الْكَافِرُ
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، {§قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ} [عبس: 17] بَلَغَنِي أَنَّهُ الْكَافِرُ وَفِي قَوْلِهِ: {أَكْفَرَهُ} [عبس: 17] وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: التَّعَجُّبُ مِنْ كُفْرِهِ، مَعَ إِحْسَانِ اللَّهِ إِلَيْهِ، وَأَيَادِيهِ عِنْدَهُ. وَالْآخَرُ: مَا الَّذِي أَكْفَرَهُ، أَيْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْفَرَهُ؟
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ} [عبس: 19]-[111]- يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَ الْإِنْسَانَ الْكَافِرَ رَبُّهُ حَتَّى يَتَكَبَّرَ. وَيَتَعَظَّمَ عَنْ طَاعَةِ رَبِّهِ، وَالْإِقْرَارِ بِتَوْحِيدِهِ ثُمَّ بَيَّنَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الَّذِي مِنْهُ خَلَقَهُ، فَقَالَ {مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ} [عبس: 19] أَحْوَالًا: نُطْفَةً تَارَةً، ثُمَّ عَلَقَةً أُخْرَى، ثُمَّ مُضْغَةً، إِلَى أَنْ أَتَتْ عَلَيْهِ أَحْوَالُهُ، وَهُوَ فِي رَحِمِ أُمِّهِ {ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ} [عبس: 20] يَقُولُ: ثُمَّ يَسَّرَهُ لِلسَّبِيلِ، يَعْنِي لِلطَّرِيقِ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ فِي السَّبِيلِ الَّذِي يَسَّرَهُ لَهَا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ خُرُوجُهُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ

الصفحة 110