كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 24)
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلٌ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، فِي قَوْلِهِ: {§إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا} [النبأ: 38] قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ أَبُو حَفْصٍ: فَحَدَّثْتُ بِهِ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، فَقَالَ: أَنَا كَتَبْتُهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ
حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: ثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْعَدَنِيُّ، قَالَ: ثنا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ: {إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ §وَقَالَ صَوَابًا} [النبأ: 38] قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ: أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَخْبَرَ عَنْ خَلْقِهِ أَنَّهُمْ لَا يَتَكَلَّمُونَ يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا، إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ مِنْهُمْ فِي الْكَلَامِ الرَّحْمَنُ، وَقَالَ صَوَابًا، فَالْوَاجِبُ أَنْ يُقَالَ كَمَا أَخْبَرَ إِذْ لَمْ يُخْبِرْنَا فِي كِتَابِهِ، وَلَا عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ، أَنَّهُ عَنَى بِذَلِكَ نَوْعًا مِنْ أَنْوَاعِ الصَّوَابِ، وَالظَّاهِرُ مُحْتَمِلٌ جَمِيعَهُ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا} [النبأ: 40] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {ذَلِكَ الْيَوْمُ} [المعارج: 44] يَعْنِي: يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهُوَ يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا. {الْحَقُّ} [البقرة: 26] يَقُولُ: إِنَّهُ حَقٌّ كَائِنٌ، لَا شَكَّ فِيهِ
§وَقَوْلُهُ: {فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا} [النبأ: 39] يَقُولُ: فَمَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ اتَّخَذَ -[53]- بِالتَّصْدِيقِ بِهَذَا الْيَوْمِ الْحَقِّ، وَالِاسْتِعْدَادِ لَهُ، وَالْعَمَلِ بِمَا فِيهِ النَّجَاةَ لَهُ مِنْ أَهْوَالِهِ {مَآبًا} [النبأ: 22] يَعْنِي: مَرْجِعًا؛ وَهُوَ مَفْعَلٌ، مِنْ قَوْلِهِمْ: آبَ فُلَانٌ مِنْ سَفَرِهِ، كَمَا قَالَ عَبِيدٌ:
[البحر البسيط]
وَكُلُّ ذِي غَيْبَةٍ يَؤُوبُ ... وَغَائِبُ الْمَوْتِ لَا يَؤُوبُ
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ
الصفحة 52