كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 24)
§سُورَةُ الْفِيلِ مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا خَمْس بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} [الفيل: 2] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَمْ تَنْظُرْ يَا مُحَمَّدُ بِعَيْنِ قَلْبِكَ، فَتَرَى بِهَا {كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} [الفيل: 1] الَّذِينَ قَدِمُوا مِنَ الْيَمَنِ يُرِيدُونَ تَخْرِيبَ الْكَعْبَةِ مِنَ الْحَبَشَةِ وَرَئِيسِهِمْ أَبْرَهَةَ الْحَبَشِيِّ الْأَشْرَمِ
{§أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ} [الفيل: 2] يَقُولُ: أَلَمْ يَجْعَلْ سَعْيَ الْحَبَشَةِ أَصْحَابِ الْفِيلِ فِي تَخْرِيبِ الْكَعْبَةِ {فِي تَضْلِيلٍ} [الفيل: 2] يَعْنِي: فِي تَضْلِيلِهِمْ عَمَّا أَرَادُوا وَحَاوَلُوا مِنْ تَخْرِيبِهَا
§وَقَوْلُهُ: {وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ} [الفيل: 3] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ طَيْرًا مُتَفَرِّقَةً، يَتَّبِعُ بَعْضُهَا بَعْضًا مِنْ نَوَاحٍ شَتَّى؛ وَهِيَ جِمَاعٌ لَا وَاحِدَ لَهَا، مِثْلُ الشَّمَاطِيطِ وَالْعَبَادِيدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَزَعَمَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى، أَنَّهُ لَمْ يَرَ أَحَدًا يَجْعَلُ لَهَا وَاحِدًا. -[628]- وَقَالَ الْفَرَّاءُ: لَمْ أَسْمَعْ مِنَ الْعَرَبِ فِي تَوْحِيدِهَا شَيْئًا. قَالَ: وَزَعَمَ {أَبُو جَعْفَرٍ الرُّؤَاسِيُّ، وَكَانَ ثِقَةً} 5، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَّ وَاحِدَهَا: إِبَالَةُ. وَكَانَ الْكِسَائِيُّ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّحْوِيِّينَ يَقُولُونَ: أُبُولٌ، مِثْلُ الْعُجُولِ. قَالَ: وَقَدْ سَمِعْتُ بَعْضَ النَّحْوِيِّينَ يَقُولُ. وَاحِدُهَا: أَبِيلُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي الْأَبَابِيلِ، قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
الصفحة 627