كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 24)

§وَقَوْلُهُ: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون: 6] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: لَكُمْ دِينُكُمْ فَلَا تَتْرُكُونَهُ أَبَدًا، لِأَنَّهُ قَدْ خُتِمَ عَلَيْكُمْ، وَقُضِيَ أَنْ لَا تَنْفَكُّوا عَنْهُ، وَأَنَّكُمْ تَمُوتُونَ عَلَيْهِ، وَلِيَ دِينٌ الَّذِي أَنَا عَلَيْهِ، لَا أَتْرُكُهُ أَبَدًا، لِأَنَّهُ قَدْ مَضَى فِي سَابِقِ عِلْمِ اللَّهِ أَنِّي لَا أَنْتَقِلُ عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ: {§لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون: 6] قَالَ: " لِلْمُشْرِكِينَ؛ قَالَ: وَالْيَهُودُ لَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا يُشْرِكُونَ، إِلَّا أَنَّهُمْ يَكفُرُونَ بِبَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ، وَبِمَا جَاءُوا بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَيَكْفُرُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ، وَبِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَقَتَلُوا طَوَائِفَ الْأَنْبِيَاءِ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا، قَالَ: إِلَّا الْعِصَابَةَ الَّتِي بَقَوْا، حَتَّى خَرَجَ بُخْتَنَصَّرُ، فَقَالُوا: عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ، دَعَا اللَّهَ وَلَمْ يَعْبُدُوهُ وَلَمْ يَفْعَلُوا كَمَا فَعَلَتِ النَّصَارَى، قَالُوا: الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ وَعَبَدُوهُ " وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ يَقُولُ: كَرَّرَ قَوْلَهُ: {لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} [الكافرون: 2] وَمَا بَعْدَهُ عَلَى وَجْهِ التَّوْكِيدِ، كَمَا قَالَ: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: 6] ، وَكَقَوْلِهِ: {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ} [التكاثر: 6]

الصفحة 704