كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 24)

§سُورَةُ الْمَسَدِ مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا خَمْسٌ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ} [المسد: 2] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: خَسِرَتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ، وَخَسِرَ هُوَ. وَإِنَّمَا عُنِيَ بِقَوْلِهِ: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: 1] تَبَّ عَمَلُهُ. وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ يَقُولُ: قَوْلُهُ: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: 1] دُعَاءٌ عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَتَبَّ} [البقرة: 128] فَإِنَّهُ خَبَرٌ. وَيُذْكَرُ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: «تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَقَدْ تَبَّ» . وَفِي دُخُولِ قَدْ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ، وَيُمَثَّلُ ذَلِكَ بِقَوْلِ الْقَائِلِ، لِآخَرَ: أَهْلَكَكَ اللَّهُ، وَقَدْ أَهْلَكَكَ، وَجَعَلَكَ صَالِحًا وَقَدْ جَعَلَكَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: 1] قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، {§تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: 1] أَيْ «خَسِرَتْ وَتَبَّ»
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: {§تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد: 1] قَالَ: التَّبُّ " الْخُسْرَانُ، قَالَ: قَالَ أَبُو لَهَبٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَاذَا أُعْطَى يَا مُحَمَّدُ إِنْ آمَنْتُ بِكَ؟ قَالَ؟ «كَمَا يُعْطَى الْمُسْلِمُونَ» فَقَالَ: مَا -[715]- لِي عَلَيْهِمْ فَضْلٌ؟ قَالَ: «وَأَيُّ شَيْءٍ تَبْتَغِي؟» قَالَ: تَبًّا لِهَذَا مِنْ دِينٍ تَبًّا، أَنْ أَكُونَ أَنَا وَهَؤُلَاءِ سَوَاءً، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: 1] يَقُولُ: بِمَا عَمِلَتْ أَيْدِيهِمْ "

الصفحة 714