كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 24)

حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {§الصَّمَدُ} [الإخلاص: 2] يَقُولُ: «السَّيِّدُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي سُؤْدَدِهِ، وَالشَّرِيفُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي شَرَفِهِ، وَالْعَظِيمُ الَّذِي قَدْ عَظُمَ فِي عَظَمَتِهِ، وَالْحَلِيمُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي حِلْمِهِ، وَالْغَنِيُّ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي غِنَاهُ، وَالْجَبَّارُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي جَبَرُوتِهِ، وَالْعَالِمُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي عِلْمِهِ، وَالْحَكِيمُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي حِكْمَتِهِ، وَهُوَ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي أَنْوَاعِ الشَّرَفِ وَالسُّؤْدَدِ، وَهُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ هَذِهِ صِفَتُهُ، لَا تَنْبَغِي إِلَّا لَهُ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ هُوَ الْبَاقِي الَّذِي لَا يَفْنَى
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ §لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} [الإخلاص: 2] قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ يَقُولَانِ: " الْبَاقِي بَعْدَ خَلْقِهِ، قَالَ: هَذِهِ سُورَةٌ خَالِصَةٌ، لَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ "
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: {§الصَّمَدُ} [الإخلاص: 2] : «الدَّائِمُ» -[737]- قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: الصَّمَدُ عِنْدَ الْعَرَبِ: هُوَ السَّيِّدُ الَّذِي يُصْمَدُ إِلَيْهِ، الَّذِي لَا أَحَدَ فَوْقَهُ، وَكَذَلِكَ تُسَمِّي أَشْرَافَهَا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الطويل]
أَلَا بَكَرَ النَّاعِي بِخَيْرَيْ بَنِي أَسَدْ ... بِعَمْرِو بْنِ مَسْعُودٍ وَبِالسَّيِّدِ الصَّمَدْ
وَقَالَ الزِّبْرِقَانُ:
[البحر البسيط]
وَلَا رَهِينَةَ إِلَّا سَيِّدٌ صَمَدُ
فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَالَّذِي هُوَ أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْكَلِمَةِ، الْمَعْنَى الْمَعْرُوفُ مِنْ كَلَامِ مَنْ نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلِسَانِهِ؛ وَلَوْ كَانَ حَدِيثُ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ صَحِيحًا، كَانَ أَوْلَى الْأَقْوَالِ بِالصِّحَّةِ، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمُ بِمَا عَنَى اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ، وَبِمَا أَنْزَلَ عَلَيْهِ

الصفحة 736