كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 24)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {§الْفَلَقِ} [الفلق: 1] : «يَعْنِي الْخَلْقَ» وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ، أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَمَرَ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَ: {أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق: 1] وَالْفَلَقُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: فَلَقُ الصُّبْحِ، تَقُولُ الْعَرَبُ: هُوَ أَبْيَنُ مِنْ فَلَقِ الصُّبْحِ، وَمِنْ فَرَقِ الصُّبْحِ. وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ فِي جَهَنَّمَ سِجْنٌ اسْمُهُ فَلَقٌ. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَضَعَ دَلَالَةً عَلَى أَنَّهُ عُنِيَ بِقَوْلِهِ {بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق: 1] بَعْضُ مَا يُدْعَى الْفَلَقُ دُونَ بَعْضٍ، وَكَانَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ رَبَّ كُلِّ مَا خَلَقَ مِنْ شَيْءٍ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَعْنِيًّا بِهِ كُلُّ مَا اسْمُهُ الْفَلَقُ، إِذْ كَانَ رَبَّ جَمِيعِ ذَلِكَ وَقَالَ جَلَّ ثَنَاءُهُ {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} [الفلق: 2] لِأَنَّهُ أَمَرَ نَبِيَّهُ أَنْ يَسْتَعِيذَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ، إِذَا كَانَ كُلُّ مَا سِوَاهُ، فَهُوَ مَا خَلَقَ
§وَقَوْلُهُ: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} [الفلق: 3] يَقُولُ: وَمِنْ شَرِّ مُظْلِمٍ إِذَا دَخَلَ، وَهَجَمَ عَلَيْنَا بِظَلَامِهِ. -[746]- ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْمُظْلِمِ الَّذِي عُنِيَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَأُمِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالِاسْتِعَاذَةِ مِنْهُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ اللَّيْلُ إِذَا أَظْلَمَ
الصفحة 745