كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 24)
§سُورَةُ النَّاسِ مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا سِتٌّ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ أَسْتَجِيرُ {بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ} [الناس: 2] وَهُوَ مَلِكُ جَمِيعِ الْخَلْقِ: إِنْسِهِمْ وَجِنِّهِمْ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، إِعْلَامًا مِنْهُ بِذَلِكَ مَنْ كَانَ يُعَظِّمُ النَّاسَ تَعْظِيمَ الْمُؤْمِنِينَ رَبَّهُمْ، أَنَّهُ مَلِكُ مَنْ يُعَظِّمُهُ، وَأَنَّ ذَلِكَ فِي مُلْكِهِ وَسُلْطَانِهِ، تَجْرِي عَلَيْهِ قُدْرَتُهُ، وَأَنَّهُ أَوْلَى بِالتَّعْظِيمِ، وَأَحَقُّ بِالتَّعَبُّدِ لَهُ مِمَّنْ يُعَظِّمُهُ، وَيَتَعَبَّدُ لَهُ، مِنْ غَيْرِهِ مِنَ النَّاسِ
§وَقَوْلُهُ: {إِلَهِ النَّاسِ} [الناس: 3] يَقُولُ: مَعْبُودِ النَّاسِ، الَّذِي لَهُ الْعِبَادَةُ دُونَ كُلِّ شَيْءٍ سِوَاهُ
§وَقَوْلُهُ: {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ} [الناس: 4] يَعْنِي: مِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ
{§الْخَنَّاسِ} [الناس: 4] الَّذِي يَخْنِسُ مَرَّةً وَيُوَسْوِسُ أُخْرَى، وَإِنَّمَا يَخْنِسُ فِيمَا ذُكِرَ عِنْدَ ذِكْرِ الْعَبْدِ رَبَّهُ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ عِيسَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " §مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا عَلَى قَلْبِهِ الْوَسْوَاسُ، فَإِذَا -[754]- عَقَلَ فَذَكَرَ اللَّهَ خَنَسَ، وَإِذَا غَفَلَ وَسْوَسَ، قَالَ: فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} [الناس: 4] "
الصفحة 753
764