كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 24)

حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ , عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْكَلْبِيِّ، {أَخَذَهُ اللَّهُ §نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى} قَالَ: نَكَالَ الْآخِرَةِ مِنَ الْمَعْصِيَةِ وَالْأُولَى
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: {§نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى} [النازعات: 25] قَالَ: عَمَلُهُ لِلْآخِرَةِ وَالْأُولَى
§وَقَوْلُهُ: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى} [النازعات: 26] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ فِي الْعُقُوبَةِ الَّتِي عَاقَبَ اللَّهُ بِهَا فِرْعَوْنَ فِي عَاجِلِ الدُّنْيَا، وَفِي أَخْذِهِ إِيَّاهُ، نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى: عِظَةٌ وَمُعْتَبَرًا لِمَنْ يَخَافُ اللَّهَ. وَيَخْشَى عِقَابَهُ، وَأَخْرَجَ نَكَالَ الْآخِرَةِ مَصْدَرًا مِنْ قَوْلِهِ {فَأَخَذَهُ اللَّهُ} [النازعات: 25] لِأَنَّ قَوْلَهُ: {فَأَخَذَهُ اللَّهُ} [النازعات: 25] نَكَّلَ بِهِ فَجَعَلَ {نَكَالَ الْآخِرَةِ} [النازعات: 25] مَصْدَرًا مِنْ مَعْنَاهُ، لَا مِنْ لَفْظِهِ
§وَقَوْلُهُ: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا} [النازعات: 27] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِلْمُكَذِّبِينَ بِالْبَعْثِ مِنْ قُرَيْشٍ، الْقَائِلِينَ {أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ} [النازعات: 12] : أَنْتُمْ أَيُّهَا النَّاسُ أَشَدُّ خَلْقًا، أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا رَبُّكُمْ؟ فَإِنَّ مَنْ بَنَى السَّمَاءَ فَرَفَعَهَا سَقْفًا، هَيِّنٌ عَلَيْهِ خَلْقُكُمْ وَخَلْقُ أَمْثَالِكُمْ، وَإِحْيَاؤُكُمْ بَعْدَ مَمَاتِكُمْ. وَلَيْسَ خَلْقُكُمْ بَعْدَ مَمَاتِكُمْ بِأَشَدَّ مِنْ خَلْقِ السَّمَاءِ. وَعُنِيَ بِقَوْلِهِ: {بَنَاهَا} [النازعات: 27] : رَفَعَهَا، فَجَعَلَهَا لِلْأَرْضِ سَقْفًا
§وَقَوْلُهُ: {رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا} [النازعات: 28] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَسَوَّى السَّمَاءَ، فَلَا شَيْءَ أَرْفَعُ مِنْ شَيْءٍ، وَلَا شَيْءَ أَخْفَضُ مِنْ شَيْءٍ، وَلَكِنْ جَمِيعُهَا مُسْتَوِي -[89]- الِارْتِفَاعِ وَالِامْتِدَادِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ

الصفحة 88