كتاب تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد الذى هو حق الله على العبيد

ويدخل في الكفر بالطاغوت بُغْضُهُ وكراهتُه، وعدمُ الرضى بعبادته بوجه من الوجوه.
ودلت الآية على:
1- أن الحكمة في إرسال الرسل هو عبادة الله وحده وترك عبادة ما سواه.
2- وأن أصل دين الأنبياء واحد وهو الإخلاص في العبادة لله، وإن اختلفت شرائعُهم، كما قال تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً} 1، وأنه لا بد في الإيمان من العمل ردًا على المرجئة.
[الأمر بعبادة الله والإحسان إلى الوالدين]
قال: قوله: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} 2.
هكذا ثبت في بعض الأصول، لم يذكر الآية بكمالها. قال مجاهد: {وقضى} يعني: وصى، وكذلك قرأ أبي بن كعب وابن مسعود وابن عباس وغيرهم.
وروى ابن جرير، عن " ابن عباس في قوله: {وَقَضَى رَبُّكَ} يعني: أمر".
وقوله: {أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ} 3، (أن) ، هي المصدرية وهي في محل جر بالباء، والمعنى: أن تعبدوه ولا تعبدوا غيره ممن لا يملك ضرًا ولا نفعًا، بل هو:
1- إما فقير محتاج إلى رحمة ربه يرجوها كما ترجونها
2- وإما جماد لا يستجيب لمن دعاه.
وقوله: {بِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} 4، أي: وقضى أن تحسنوا {بالوالدين إحسانًا} ، كما قضى بعبادته وحده لا شريك له. وعطف حقهما على حق الله تعالى دليل على تأكد حقهما وأنه أوجب الحقوق بعد حق الله، وهذا كثير في القرآن يقرن ببن حقه ـ عزّ وجلّ ـ وبين حق الوالدين، كقوله: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} 5. وقال {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} 6. ولم يخص تعالى نوعًا من أنواع الإحسان ليعم أنواع الإحسان.
__________
1 سورة المائدة آية: 48.
2 سورة الإسراء آية: 23.
3 سورة يوسف آية: 40.
4 سورة البقرة آية: 83.
5 سورة لقمان آية: 14.
6 سورة البقرة آية: 83.

الصفحة 33