كتاب تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد الذى هو حق الله على العبيد
لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} 1. وقد أهلك الله أمة من الأمم كانوا يبخسون المكيال والميزان.
وقال غيره: القسط: العدل. وقد روى الترمذي (1240) ، وغيره بإسناد ضعيف عن ابن عباس قال: قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ لأصحاب الكيل والميزان: "إنكم وليتم أمرًا هلكت فيه الأمم السالفة قبلكم" 2. وروي عن ابن عباس موقوفًا بإسناد صحيح.
{لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} 3. قال ابن كثير: أي: مَن اجتهد في أداء الحق وأخذه، فإن أخطأ بعد استفراغ وسعه وبذل جهده، فلا حرج عليه.
وقد روى ابن مردويه عن سعيد بن المسيب مرفوعًا: " {أوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسًا إلا وسعها} قال: مَن أوفى على يده في الكيل والميزان - والله يعلم صحة نيته بالوفاء فيهما - لم يؤاخذ وذلك تأويل وسعها ". قال: هذا مرسل غريب.
قلت: وفيه رد على القائلين بجواز تكليف ما لا يطاق.
{وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} 4. هذا أمر بالعدل في القول والفعل على القريب والبعيد. قال الحنفي: العدل في القول في حق الولي والعدو، لا يتغير بالرضى والغضب، بل يكون على الحق والصدق، وإن كان ذا قربى فلا يميل إلى الحبيب، ولا إلى القريب {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} (5.
{وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا} 6. قال ابن جرير: يقول: وبوصية الله التي وصاكم بها فأوفوا وانقادوا لذلك، بأن تطيعوه فيما أمر به ونهاكم عنه، وتعملوا بكتابه وسنة رسوله، وذلك هو الوفاء بعهد الله، وكذا قال غيره.
قلت: وهو حسن، ولكن الظاهر أن الآية فيما هو أخص،
__________
1 سورة آية: 1-6.
2 الترمذي: البيوع (1217) .
3 سورة الأنعام آية: 152.
4 سورة الأنعام آية: 152.
5 سورة المائدة آية: 8.
6 سورة الأنعام آية: 152.