كتاب التحقيقات على شرح الجلال للورقات

قوله: "وأما الأدلة فيقدم الجلي منها على الخفي"، هذه قاعدة كلية جامعة مانعة تدخل في كل باب، إذ لابد للمجتهد من معرفة الجلي من الخفي في كل الأدلة.
والأدلة هي: القرآن والسنة والإجماع والقياس، وهذه القاعدة تدخل في جميعها، ففي القرآن الكريم يقدم الدليل الجلي على الخفي.
والجلي: شامل للنص والظاهر، والنص مقدم على الظاهر.
والخفي: كالمؤول بأنواع التأويل، من صرف عن الحقيقة إلى المجاز أو دعوى الإضمار أو التركيب أو دعوى التأكيد أو التقديم والتأخير أو دعوى الخصوص أو التقييد.
وقد قدمنا لك في بابها جميعها مع أمثلتها.
وجميع ما تقدم من الأبواب: في الأحكام السبعة، واللغات، والأمر والنهي، والعام والخاص، والمجمل والمبين، والنص، وأفعال النبي صلى الله عليه وسلم وتقريراته وأقواله، والإجماع والقياس، والاستصحاب، والحظر والإباحة، كلها فيها جلي وخفي، فيقدم الجلي الواضح الدلالة على ما خفيت دلالته.
ففي الأحكام الخمسة: قدم الحظر على البقية؛ لأنه دفع مفسدة، وهي مقدمة على جلب مصلحة في الجملة، وقدم الندب على الإباحة؛ لأنه ناقل. وقدم الواجب على الندب. وقدمت الكراهة على الندب.
وفي اللغات: يقدم ما له معنى واحد على ما احتمل معان بالاشتراك، وتقدم الحقيقة على المجاز، ويقدم المقتضى على الإيماء والتنبيه، ويقدم الإيماء والتنبيه على المفهوم، ويقدم المنطوق على المفهوم. وهكذا ..
ويقدم مثبت من الأخبار على النافي إلا في الحدود فيقدم الدرء على الاثبات.

الصفحة 344