كتاب تاريخ العرب وحضارتهم في الأندلس

وسبتمانيا. وكان هذا التعيين حافزاً للنبلاء وكبار القوط إلى مضاعفة العمل للقضاء على غيطشة ودولته. وفي هذه الأثناء توفي غيطشة في حدود سنة 710 م، والبلد منشق على نفسه مفرق بين رجال الدين وكبار النبلاء الطامعين. وكان أفراد البيت المالك أنفسهم من أكثر الناس انقساماً. فقد ترك غيطشة أرملة، وثلاثة بنين، هم أخيلا، وألمند، وأرطباس، وأخين كان أحدهما أسقفاً لأشبيلية يدعى أبة Oppa، والآخر وصياً على أخيلا الذي كان مرشحاً لوراثة العرش بعد أبيه. ولكن كبار القوط لم يرغبوا في الخضوع لصبي مثلا أخيلا، هذا بالإضافة إلى عدائهم لأبيه، وتخوفهم من استبداد الوصي بالحكم (¬41). فامتنعوا عن طاعة أخيلا، واستقل بعضهم في الأطراف والنواحي، وسادت حالة الفوضى والارتباك في البلاد، استطاع على أثرها كبار القوط وأعيانهم في طليطلة أن يوحدوا جهودهم ضد أخيلا وعمه الوصي عليه، وأن يعهدوا بالعرش إلى أحدهم ويدعى رودريكو أو لذريق Roderic (¬42) .
وما يزال أصل لذريق مختلفاً فيه، فتذكر إحدى المصادر اللاتينية على أنه كان سليل بيت أحد ملوك القوط السابقين (¬43). بينما يذكر المؤرخون العرب أنه كانا رجلاً شجاعاً، ولكنه لا ينتمي إلى بيت الملوك، وأنه كان قائداً وفارساً (¬44). ونظراً للظروف التي تولى فيها هذا الملك، فقد كان في حاجة ماسة إلى الأموال. فابتدأ حكمه بأن حاول الاستيلاء على خزائن أسلافه الملوك من كنيستي سان بيدرو San Pedro وسان بابلو San Pablo في طليطلة (¬45).
لم تكن مشكلة لذريق الوحيدة هي الحاجة إلى المال، بل كان عليه أيضاً أن يجابه
¬_______
(¬41) انظر: ابن القوطية، ص 2؛ أخبار مجموعة، (مجهول المؤلف) نشره وترجمه إلى الاسبانية، لافوينتي القنطرة، مدريد، 1867، ص 5؛ المقري، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، تحقيق، إحسان عباس، بيروت 1968، ج 1، ص 265؛ مؤنس، فجر الأندلس، ص 12 - 16.
(¬42) Isidoro Pacense or the Chronicle of 754.
( ملحق رقم 2 لكتاب أخبار مجموعة)، ص 147، رقم (34)؛ وانظر أيضاً: مؤنس، المرجع السابق، ص 16؛ عنان، دولة الإسلام في الأندلس، ج 1، ص 33 - 34.
(¬43) The Chronicle of Alfonso III. ed. Manuel Gomez-Moreno. Boletin de la Real
Academia de Historia. 100. Madrid. 1932. pp. 611-612.
(¬44) ابن القوطية، ص 2؛ أخبار مجموعة، ص 5؛ ابن عذاري، ج 2 ص 3؛ المقري، ج 1، ص 248، 250.
(¬45) انظر: ابن القوطية، ص 7؛ ابن الأثير، ج 4، ص 567؛ ابن عذاري، ج 2، ص 3؛ فتح الأندلس، ص 2 - 3؛ الحميري، ص 6 - 7؛ المقري، ج 1، ص 251.

الصفحة 21