كتاب التحصين من كيد الشياطين

مغابنه (¬1) وأطرافه وداخِلة إزاره، أي: طرف إزاره الداخل الذي يلي جسده من الجانب الأيمن (¬2) ، ثم يُصبّ على رأس الرجل المعين من خلفه بغتةً صبة واحدة (¬3) .
ثم ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله رقيةً ينقلها عن الإمام أبي عبد الله الساجي رحمه الله أنه قال: دلوني على العائن (وكان قد نظر إلى ناقة الإمام فاضطربت وسقطت) ، فدُلَّ عليه، فوقف وقال: بسم الله، حَبْسٌ حَابِسٌ، وحَجَرٌ يابِسٌ، وشِهابٌ قابِسٌ، رددتُ عينَ العائن عليه، وعلى أحبِّ الناس إليه [المُلك: 3-4] {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَانِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ *ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ *} ، فخرجَتْ حَدَقتا العائن، وقامتِ الناقةُ لا بأس بها (¬4) . اهـ.
¬_________
(¬1) المغابن: الأرْفاغ، وهي بواطن الأفخاذ عند الحَوَالِب، جمع مغبن، من غَبَنَ الثوبَ إذا ثَنَاه وعَطَفه، وهي معاطف الجلد أيضًا. انظر: النهاية لابن الأثير (3/307) .
(¬2) هذا، إن حُمل - لفظ الحديث الدال على ذلك - على ظاهره، فيكون الغسل لطرف الإزار الذي يلي جسد المؤتزر، لكن يحتمل أيضًا، أنه أراد أن يغسل العائن موضع داخلة إزاره من جسده، لا إزاره بعينه، فيكون المقصود غسل الوَرِك، أو الفرج (المذاكير) ، فكنى بالداخلة عنها، كما كني عن الفرج بالسراويل. انظر: النهاية لابن الأثير (2/101) .
(¬3) قال الإمام ابن القيم رحمه الله: وهذا - أي العلاج للعين باغتسال العائن وصب الغَسُول على المعين - مما لا يناله علاج الأطباء، ولا ينتفع به من أنكره، أو سَخِر منه، أو شك فيه، أو فَعَله مُجرِّبًا لا يعتقد أن ذلك ينفعه. اهـ. ثم فصّل رحمه اللهفي مناسبة ذلك لدفع شر العائن، ومناسبته لانتفاع المعين، تفصيلاً مفيدًا للغاية، فارجع إليه، إن شئت المزيد، وانظر زادَ المعاد، (3/140) .
(¬4) هذا محمول - كما لا يخفى - على من تعمّد الأذى بالإصابة بالعين، وقد علم من نفسه أنه قلَّما نظر إلى شيء إلا أتلفه، فيُعاقَب بمثل هذه الرقية، والجزاء من جنس العمل، [كما ينبغي للإمام منع العائن - إذا عُرف بذلك - من مداخلة الناس، وأن يلزم بيته، فإن كان فقيرًا رزقه ما يقوم به، فإن ضرره أشد من ضرر المجذوم الذي أمر عمر رضي الله عنه بمنعه من مخالطة الناس،....] . اهـ. بنقل ابن حَجَرٍ له عن ابن بطال رحمهما الله، في الفتح (10/216) .

الصفحة 381