كتاب تهذيب الأسماء واللغات (اسم الجزء: 2)

عمر جميعًا ورضوا به، ثم دعا أبو بكر عمر، فأوضاه بما أوصاه، ثم خرج فرفع أبو بكر يديه مدًا، ثم قال: اللهم إنى لم أرد بذلك إلا صلاحهم، وخفت عليهم الفتنة، فعلمت منهم بما أنت أعلم به، فوليت عليهم خيرهم وأقواهم عليهم، وأحرصهم على ما أرشدهم، وقد حضرنى من أمرك ما حضرنى، فأخلفنى فيهم فهم عبادك، ونواصيهم فى يدك، وأصلح لهم ولاتهم، واجعله من خلفائك الراشدين، يتبع هدى نبى الرحمة، وأصلح له رعيته.
وقد قدمنا أنه أول مَن سمى أمير المؤمنين، سمَّاه بذلك عدى بن حاتم، ولبيد بن ربيعة حين وفدا إليه من العراق، وقيل: سمَّاه به المغيرة بن شعبة، وقيل: إن عمر قال للناس: أنتم المؤمنون وأنا أميركم، فسمى أمير المؤمنين، وكان قبل ذلك يقال له: خليفة خليفة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فعدلوا عن تلك العبارة لطولها، ثم قام فى الخلافة أتم القيام، وجاهد فى الله حق جهاده، فجيَّش الجيوش، وفتح البلدان، ومَصَّر الأمصار، وأعز الإسلام، وأزل الكفر أشد إزلال، ففتح الشام، والعراق، ومصر، والجزيرة، وديار بكر، وأرمينية، وأذربيجان، وإيران، وبلاد الجبال، وبلاد فارس، وخورستان، وغيرهما. واختلفوا فى خراسان، فقيل: فتحها عثمان، وقيل: فتحها عمر، ثم انتفت ففتحها، والصحيح عندهم أن عثمان الذى فتحها.
وكان عمر أول مَن دَوَّن الديوان للمسلمين، ورتب الناس على سابقتهم فى العطاء وفى الأذان والإكرام، فكان أهل بدر أول الناس دخولاً عليه، وكان على بن أبى طالب أولهم، وأثبت أسماءهم فى الديوان على قربهم من رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فبدأ ببنى هاشم، وبنى المطلب، ثم الأقرب فالأقرب.
روينا عن عثمان، وعلى، رضى الله عنهما، قالا فى عمر: هذا هو القوى الأمين. وثبت فى صحيح البخارى وغيره، أن عمر، رضى الله عنه، أوَّل مَن جمع الناس لصلاة التراويح، فجمعهم على أُبىّ بن كعب، رضى الله عنه، وأجمع المسلمون فى زمنه وبعده على استحبابها. ورووا عن على، رضى الله عنه، أنه مر على المساجد فى رمضان وفيها القناديل تزهر، فقال: نَّور الله على عمر قبره كما نور علينا مساجدنا.
وعن عبد الله بن عامر بن ربيعة، قال: خرجنا مع عمر إلى مكة، فما ضرب فسطاطًا ولا خباء حتى رجع، وكان

الصفحة 12