كتاب تهذيب الأسماء واللغات (اسم الجزء: 2)
إذا نزل يلقى له كساء أو نطع على شجرة فيستظل به. وختم الله تعالى لعمر، رضى الله عنه، بالشهادة، وكان يسالها، فطعنه العلج عدو الله أبو لؤلؤة فيروز غلام المغيرة بن شعبة وهو قائم فى صلاة الصبح حين أحرم بالصلاة، طعنه بسكين مسمومة ذات طرفين، فضربه فى كتفه وخاصرته، وقيل: ضربه ست ضربات، فقال: الحمد لله الذى لم يجعل منيتى بيد رجل يَدَّعى الإسلام، وطعن العلج مع عمر ثلاثة عشر رجلاً توفى منهم سبعة، وعاش الباقون، فطرح مسلم عليه برنسًا، فلما أحس العلج أنه مقتول قتل نفسه.
وشرب عمر، رضى الله عنه، لبنًا فخرج من جرحه، فعلم هو والناس أنه لا يعيش، فأشاروا عليه بالوصية، فجعل الخلافة شورى بين عثمان، وعلى، وطلحة، والزبير، وسعد، وعبد الرحمن بن عوف، وقال: لا أعلم أحدًا أحق بها من هؤلاء الذين توفى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو عنهم راض، وقال: يؤمر المسلمون أحد هؤلاء الستة.
وحسب الدين عليه، فوجده ستة وثمانين ألفًا أو نحوه، فقال لابنه عبد الله: إن وفى مال آل عمر به فأدوه منه، وإلا فسل فى بنى عدى، فإن لم تف أموالهم فسل فى قريش ولا تعدهم إلى غيرهم. ثم بعث ابنه عبد الله إلى عائشة، رضى الله عنها، فقال: قل: يقرأ عليك عمر السلام، ولا تقل أمير المؤمنين، فإنى لست اليوم للمؤمنين أميرًا، وقل: يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه، فجاء فسلَّم واستأذن، فدخل فوجدها تبكى، فقال لها، فأذنت وقالت: كنت أدرته لنفسى ولأوثرنه اليوم على نفسى، فلما أقبل عبد الله من عندها قيل لعمر: هذا عبد الله، قال: ارفعونى، فأسنده رجل، فقال: ما لديك؟ فقال: الذى تحب، قد أذنت، قال: الحمد لله، ما كان شىء أهم إلىَّ من ذلك، فإذا أنا قُبضت فاحملونى، ثم سلم فقل: يستأذن عمر بن الخطاب، فإن أذنت لى فأدخلونى، وإن ردتنى ردونى إلى مقابر المسلمين، وأوصاهم أن يقتصدوا فى كفنه ولا يغالوا.
وغسله ابنه عبد الله، وحمل على سرير رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وصلى عليه فى مسجد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وصلى بهم عليه صهيب، وكبر أربعًا، ونزل فى قبره ابنه عبد الله، وعثمان بن عفان، وسعيد بن زيد، وعبد الرحمن بن عوف.
وطُعن عمر، رضى الله عنه، يوم الأربعاء لأربع ليال بقين من ذى الحجة سنة ثلاث وعشرين من الهجرة، ودفن يوم الأحد هلال المحرم سنة أربع وعشرين، فكانت خلافته عشر سنين وخمسة أشهر وإحدى وعشرين يومًا، وقيل: توفى ربع بقين من ذى الحجة، وقيل: لثلاث، وقيل: لليلة، وقيل غير ذلك فى مدة الخلافة وتاريخ الطعن والوفاة.
وتوفى وهو ابن ثلاث وستين سنة على الصحيح المشهور، ثبت ذلك فى الصحيح عن معاوية بن أبى سفيان، وقاله الجمهور، وقيل: كان له خمس وستون سنة، والصحيح أن سن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وسن أبى بكر، وعمر، وعلى، وعائشة ثلاث وستون.
قالوا: وكان عمر، رضى الله عنه، طوالاً جدًا، أصلع، أعسر يسر وهو الذى يعمل بيديه جميعًا، وكان أبيض يعلوه حمرة، وإنما صار فى لونه سمرة فى عام الرمادة؛ لأنه أكثر أكل الزيت، وترك السمن للغلاء الذى وقع بالناس، فامتنع من أكل اللبن والسمن حتى لا يتميز على الضعفة.
وقال زر بن حبيش: كان عمر آدم. قال الواقدى: لا يعرف عندنا أن عمر كان آدم إلا أن يكون رآه عام الرمادة. قال ابن عبد البر: وصفه زر بن حبيش وغيره أنه كان آدم شديد الأدمة. قال: وهو الأكثر عند أهل العلم. وقال ابن قتيبة فى المعارف: قال الكوفيون: كان آدم شديد الأدمة. وقال بعض الحجازيين: كان أبيض أمهق. وقال أنس: كان عمر يخضب بالحناء بحتًا. قالوا: وهو أول من اتخذ الدرة.
قال ابن قتيبة: فتح الله تعالى فى ولايته بيت المقدس، ودمشق، وميسان، ودستميسان،
الصفحة 13
380