كتاب تهذيب الأسماء واللغات (اسم الجزء: 4)

فيها أبو حنيفة وابن أبي ليلى فتارة يختار أحدهما ويزيف الآخر، وتارة يزيفهما معا ويختار غيرهما، وهو كتاب حجمه لطيف.
قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “ليس لعرق السهو حق” أخرجه أبو داود في سننه عن هشام بن عروة عن أبيه عن سعد بن زيد أحد العشرة رضي الله تعالى عنهم عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأخرجه الترمذي أيضًا، وأخرجه مالك في الموطأ عن هشام بن عروة عن أبيه عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مرسلا فلم يذكر فيه سعيدًا، وإسناد أبي داود صحيح، رجاله رجال الصحيح.
قال الإمام أبو سليمان الخطابي رحمه الله تعالى: من الناس من يرويه على إضافة العرق إلى الظالم، وهو الغارس الذي غرسه فى غير حقه، ومنهم من يجعل الظالم من نعت العرق يريد به الغراس والشجر وجعله ظالمًا لأنه ثبت حقه. قال صاحب المطالع: معناه لعرق ذي ظلم على النعت ومن أضافه إلى الظالم فبين، وأحسن ما قيل فيه أنه كل ما احتفر أو غرس بغير حق كما قال مالك. ولم يذكر الأزهري في تهذيب اللغة وصاحبه ابن فارس في المجمل فيه إلا تنوين عرق على النعت، وكذا قاله أيضًا الأزهري في شرح الفاظ المختصر: قال لأن الغارس ظالم، وإذا كان ظالمًا فعرق ما غرس ظالم. وأصل الظلم وضع الشيء موضعه. قال الإمامان أبو عبد الله مالك بن أنس والشافعي رضي الله تعالى عنهم: العرق الظالم كل ما احتفر أو بني أو غرس ظلمًا في حق امرىء بغير خروجه منه، هذا لفظ الشافعي. ولفظ مالك: العرق الظالم كل ما احتفر أو غرس أو أخذ بغير حق. وفي هذا ذكر معنى الحديث وهو أن اختيار هذين الإمامين في ضبط هذا الحديث تنوين عرق. وقال الأزهري: قال أبو عبيد: قال هشام بن عروة: وهو الذي روى الحديث العرق الظالم أن يجيء الرجل إلى أرض قد أحياها رجل قبله فيغرس فيها غرسًا.
قلت: وهذا أيضًا تصريح بأن هؤلاء الأئمة رووه بالتنوين. وفي حديث المستحاضة إنما ذلك عرق هو بكسر العين، ومعناه أن الاستحاضة تخرج من عرق يسمى العاذل بكسر الذال المعجمة بخلاف الحيض، فإنه يخرج من قعر الرحم، وقد قدمت بيان هذا في فصل حيض موضحًا غاية الإيضاح. قال: وقال الأزهري: قال ابن الأعرابي: العرق أهل الشرف واحدهم عريق وعروق، والعرق أهل السلام في الدين، وغلام عريق نحيف الجسم خفيف

الصفحة 14