كتاب تهذيب الأسماء واللغات (اسم الجزء: 4)

فإذا أدى قياس إلى مثل هذا رفض فعدلوا إلى إبدال الواو ياء، فكأنهم حولوا عرقوًا إلى عرقي، ثم كرهوا الكسرة على الياء فأسكنوها وبعدها النون ساكنة، فالتقى ساكنان فحذفوا الياء وبقيت الكسرة دالة عليها، وثبتت النون إشعارًا بالصرف، فإذا لم يلتق ساكنان ردوا الياء، فقالوا: رأيت عرقيها، والعرقاة العرقوة وذات العراقي هي الدلو، والدلو من أسماء الداهية، وعرق في الأرض يعرق عرقًا ذهب، والعراقي عند أهل اليمن التراقي، هذا آخر كلام صاحب المحكم.
قوله في حديث المظاهر والمجامع في شهر رمضان “فأتي النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعرق من تمر العرق” بفتح العين والراء. قال الأزهري: هكذا رواه ابن جبلة عن أبي عبيد عرق يعني بفتح الراء. قال الأزهري: وأصحاب الحديث يخففونه يعني بسكون الراء. قال الأصمعي: العرق الشقيقة المنسوجة من الخوص قبل أن يجعل منها زبيل فسمي الزبيل عرقًا، وكذلك كل شيء يصطف مثل الطير إذا اصطفت في السماء فهي عرقة. قال غيره: وكذلك كل شيء مظفور فهو عرق، هذا أخر كلام الأزهري.
وقال صاحب المحكم: العرق والعرقة الزبيل. وفي حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنه: “لا تغالوا في صداق النساء فإن الرجل يغالي في صداقها حتى يقول تجشمت إليك عرق القربة” قال الأزهري: قال أبو عبيد: قال الكسائى: معناه أن تقول تصببت وتكلفت حتى عرقت كعرق القربة، وعرقها سيلان مائها. قال أبو عبيد: هو أن يقول تكلفت لك ما لم يبلغه أحد حتى تجشمت ما لا يكون لأن القربة لا تعرق، ومثل هذا قولهم حتى يشيب الغراب ويبيض القار. قال الأصمعي: عرق القربة كلمة معناها الشدة ولا أدري ما أصلها. قال ابن الأعرابي: علق القربة وعرقها واحد، وهو معلاق تحمل فيه القربة، فهذا آخر كلام الأزهري عن حكاية أبي عبيد.
عرم: قد تكرر في الوسيط لفظ العرامة كقوله في باب حد قاطع الطريق: إذا فترت قوة السلطان وثار ذوو العرامة في البلاد، فالعرامة بفتح العين وتخفيف الراء، يقال: عرم الرجل بكسر الراء وفتحها وضمها والعين مفتوحة بكل حال فهو عارم وهو الشرير المفسد. وقيل: هو الجاهل الشرس.

الصفحة 17