كتاب تهذيب الأسماء واللغات (اسم الجزء: 4)

في كتب الفقه: وهبت من فلان كذا فهو مما ينكر على الفقهاء لإدخالهم لفظة من وإنما الجيد وهبت زيدًا مالا ووهب له مالا. وجوابه: أن إدخال من هنا صحيح، وهي زائدة وزيادتها في الواجب جائزة عند الكوفيين من النحويين، وعند الأخفش من البصريين.
وقد روينا أحاديث فيها: “وهبت منه كذا”، ويقال: هب زيدا منطلقا بمعنى أحسب فيعدى إلى مفعولين ولا يستعمل منه ماض ولا مستقبل. قال أصحابنا: والهبة في اصطلاح العلماء: تمليك العين بغير عوض، وقد زاد صاحب التتمة زيادة حسنة، فقال: تمليك الغير عينا للتودد واكتساب المحبة، وهذا الذي قاله تخرج به صدقة التطوع من الحد وهي مندوب إليها بالإجماع لدخولها في عموم قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (المائدة: من الآية2) وقوله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} (آل عمران: من الآية92) وقوله تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} (البقرة: من الآية177) إلى قوله تعالى: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ} (البقرة: من الآية177) وقوله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً} (النساء:4) وللحديث عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “تهادوا تحابوا” والهبة والهدية متقاربتان فالأمر بأحدهما أمر بالاخر. قال صاحب التتمة: والهدية في معنى الهبة إلا أن غالب ما يستعمل لفظ الهدية فيما يحمل إلى إنسان أعلى منه.
قلت: هذا ليس كما قال، بل تستعمل في حمل الإنسان إلى نظيره ومن فوقه ودونه. قال صاحب التتمة: وأما الصدقة فهي صرف المال إلى المحتاجين بقصد التقرب إلى الله تعالى. وقال صاحب الشامل: الهبة والهدية وصدقة التطوع بمعنى واحد كل واحد من ألفاظها يقوم مقام الآخر، إلا أنه إذا دفع شيئًا ينوي به التقرب إلى الله تعالى إلى المحتاجين فهو صدقة، وإن دفع ذلك إلى غير محتاج للتقرب إليه والمحابة فهي هبة وهدية. وكذا قال الشيخ نصر المقدسي في تهذيبه: الهبة والهدية ما يقصد بهما في الغالب التواصل والتحابب، والصدقة ما يقصد به التقرب إلى الله تعالى. وقال الرافعي كلاما لخصته في الروضة.
وهد: الوهدة بفتح الواو وإسكان الهاء هي المكان المطمئن، وجمعها وهاد ووهد، قاله الجوهري.
وهن: قال الآزهري في تهذيب

الصفحة 197