كتاب توضيح مقاصد العقيدة الواسطية

وكلمات الله نوعان (¬1): كلمات كونية، وهي: ما يُكَوِّن به الكائنات، كما قال {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ} [(40) سورة النحل]، كما قال لليهود العتاة المتمردين {فَلَمَّا عَتَوْا عَن مَّا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [(166) سورة الأعراف].
وكلمات شرعية، وهي: كلامه الذي أنزل على رسله، وهي: كتبه، وأعظمها، وأشرفها القرآن، فالقرآن كلامه، وكله من كلماتِه الشرعية.
وكلماتُه الكونية، والشرعية كلها كلامه، ليس شيء منها مخلوقا؛ ولهذا جاء التعوذ بكلمات الله في غير ما حديث (¬2) كحديث " أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق" (¬3) فاستدل العلماء بمثل هذا على أن كلام الله غير مخلوق.
ومن هذه الآيات وإذ قال الله يا عيسى في غير موضع: {إِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ} [(55) سورة آل عمران] {إِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ} [(110) سورة المائدة] {وَإِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ} [(116) سورة المائدة] {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ * وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا
¬__________
(¬1) [مجموع الفتاوى 11/ 322، وشفاء العليل ص 282].
(¬2) [كحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوذ الحسن والحسين ويقول: "إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق: أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة ". رواه البخاري (3371). وحديث: عبد الله بن عَمرو رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعلمهم من الفزع كلمات:" أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه، وشر عباده، ومن همزات الشياطين، وأن يحضرون ". رواه أبو داود (3893) ـ واللفظ له ـ، والترمذي (3528) وقال: حسن غريب، والنسائي عمل اليوم والليلة (765) و (766) وصححه الحاكم 1/ 548 وحسنه الحافظ ابن حجر في نتائج الأفكار 3/ 118].
(¬3) [رواه مسلم (2708 و 2709) من حديث خولة بنت حكيم، وأبي هريرة رضي الله عنهما].

الصفحة 120