من بعدهم، والتابعون لهم بعد ذلك هم أهل السنة والجماعة، الذين لزموا الأصول المتقدمة، واقتفوا واتبعوا آثار السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، فهؤلاء على مراتب: التابعون، وتابعوهم، وتابعوهم إلى يوم القيامة.
يقول الشيخ: "وفيهم الأبدال" وهذا اللفظ ورد في بعض الأحاديث (¬1)، ولكن ذكر شيخ الإسلام (¬2) وغيره: أنه لم يصح حديث الأبدال.
لكن معنى الأبدال صحيح (¬3) واقع، والمراد بالأبدال: العلماء العاملون والعُبَّاد الصالحون الذين يخلف بعضهم بعضًا، كلما مات عالم قام بدله، وكلما مات عابد خلفه من بعده، هؤلاء أبدال، وجاء في الحديث:" لا يزال الله سبحانه وتعالى يغرس في هذا الدين غرسا يستعملهم في طاعته " (¬4).
فالصالحون والأئمة لا يزالون، وإن كان في آخر الزمان يقل العلم ويثبت الجهل، و "الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من صدور الرجال وإنما يقبض العلم بقبض العلماء " (¬5). ولكن هذا لا يعني أنه ينقطع وينصرم، وإن قل، فحجة الله قائمة على عباده إلى أن يأتي أمر الله تبارك وتعالى.
ولهذا نبه الشيخ إلى هذا المعنى بقوله: إن هذه الطائفة لا تزال كما أخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
¬__________
(¬1) [رواه أحمد 1/ 112 و 5/ 322 من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، وانظر: المنار المنيف ص 136، وكشف الخفاء 1/ 24].
(¬2) [مجموع الفتاوى 11/ 167 و 433 و 441].
(¬3) [جامع المسائل 2/ 67].
(¬4) [رواه أحمد 4/ 200، وابن ماجه (8) وابن حبان (326) من حديث أبي عنبة الخولاني - رضي الله عنه -. وانظر السلسلة الصحيحة (2442)].
(¬5) [رواه البخاري (100)، ومسلم (2673) من حديث عبد الله بن عمرو العاص رضي الله عنهما].