كتاب توضيح مقاصد العقيدة الواسطية

المستلزم لتوحيد العبادة، وقد ثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " والذي نفسي بيده إنها تعدل ثلث القرآن " (¬1). تعدل ثلث القرآن من حيث الثواب، فتلاوتها مرة واحدة تعدل ثلث القرآن.
ولكن هذا لا يعني الاكتفاء بها عن تلاوة القرآن، فلا بد من تلاوة سائره، وتدبُّر سائر النصوص، لكن هذا دليل على فضْل هذه السورة، وفضْل تلاوتها، وذَكَر بعض أهل العلم (¬2) أن هذه السورة تعدل ثلث القرآن؛ لأن القرآن ثلاثة أثلاث:
الأول: خبرٌ عن الله ـ يعني ـ خبر عن أسمائه، وصفاته، وأفعاله.
والثاني: خبر، وقصص وهو: خبر عن الخلق: عن الرسل، وأممهم، وبَدْء الخلق، واليوم الآخر.
والثالث: الأوامر، والنواهي.
فالقرآن توحيد، وقصص، وشرائع: أوامر، ونواهي.
وسورة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} هذه خالصة للتوحيد ليس فيها إلا صفة الرب تعالى، ولهذا كان أحد الصحابة أميرا على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاته فيختم بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: سلوه لأي شيء يصنع ذلك فسألوه؟ فقال: لأنها صفة الرحمن وأنا أحب أن أقرأ بها. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أخبروه أن الله يحبه" (¬3)، ونحوه في خبر ثان: " إن حبها أدخلك الجنة " (¬4).
¬__________
(¬1) [رواه البخاري (5013) من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -، وبمعناه عند مسلم (811 و 812) من حديث أبي الدرداء وأبي هريرة رضي الله عنهما].
(¬2) [المعلم للمازري 1/ 308، وجواب أهل العلم والإيمان ضمن مجموع الفتاوى 17/ 122 و 134، وفتح الباري 9/ 61]
(¬3) [رواه البخاري (7375)، ومسلم (813) من حديث عائشة رضي الله عنها].
(¬4) [رواه البخاري في صحيحه معلقا بصيغة الجزم (774 م)، ومن طريقه موصولا الترمذي (2901) ـ وقال: حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث عبيد الله بن عمر عن ثابت البناني، ثم ساقه من طريق مبارك عن ثابت ـ وابن خزيمة 1/ 269، وابن حبان (792 و 794)، والحاكم 1/ 240 وصححه على شرط مسلم، كلهم من حديث أنس - رضي الله عنه -، وانظر فتح الباري 2/ 257].

الصفحة 42